The BALKAN Film Festival -Brussele 2008


ربيع سينما البلقان في مهرجان اوربي كبير

شيء ما عن مخلفات الحرو ب واجيال تبحث عن وجودها

انطلقت في العاصمة البلجيكية بروكسل مؤخرا اعمال المهرجان السينمائي لدول غرب البلقان الذي نظمته مفوضية الأتحاد الأوربي وهو مهرجان فريد من نوعه اذ لم يسبق للجمهور العريض ان تعرف على هذه السينما الا من خلال عروض الأفلام الفردية في دور السينما او في اطار هذا المهرجان او ذاك .
تجربة المهرجان وتحت رعاية مؤسسات الأتحاد الأوربي وفرت امكانية اخرى هي قراءة الحياة الأنسانية والأجتماعية لتلك المجتمعات التي كبدتها الأزمات الداخلية والحروب ماكبدتها من خسائر وماخلفته من مآس انسانية كان لها ابلغ الأثر على حياة ابناء تلك المجتمعات المأزومة .
الضحايا من عمليات التطهير العرقي في البوسنة والبانيا وصربيا وغيرها حفرت عميقا في الذاكرة الجمعية وخلفت وعيا مأزوما يستبد به القلق والرعب وتتناهبه اسئلة محيرة عن المستقبل والمصير المجهول .
ولهذا ليس مستغربا ان المرء وهو يشاهد افلام المهرجان يبحث عن اجابة لسؤال مسبق مفاده : اين الحرب ومآثارها ومخلفاتها على الحياة الأجتماعية للأفراد ؟
هذا السؤال المحير وغيره قدمته المخرج البوسنية ياسميلا زبانيتش في فيلمها كرابافيتشا ، وهو اسم احدى قرى البوسنة قرب سراييفو حيث هنالك السيدة عصمة ( الممثلة ميريانا كارانوفيتش ) التي تمثل صورة حية وواقعية مريرة لمخلفات ونتائج حرب البلقان ، فهي تعيش حياة طيبة مسالمة رغم ان احتمالات الفقر تلاحقها من كل جانب وهو مايؤرقها لاسيما وانها قد عنيت طويلا برعاية ابنتها الوحيدة المراهقة وجعلها تعيش حياة لاينقصها فيها شيء .
لكنها وهي تذود عن نفسها غلواء الفقر تلجأ الى خياطة الثياب لصديقاتها في مصنع الأحذية وفي الأخير تقرر العمل نادلة في ناد ليلي ، وخلال ذلك لاتنقطع عن الذهاب الى تلك المنظمات الخيرية التي تشمل النساء البوسنيات من ضحايا الحروب بالرعاية وكل املها في كل مرة تذهب الى هناك هو ان تحصل على مساعدة مالية تعينها في تسيير حياتها لكنها لاتتلقى شيئا سوى المشاهدة اليومية للنساء المحبطات المدمرات من جراء الحروب .
وتتضح صورة اخرى موازية من خلال حياة الأبنة المراهقة سارا ذات الأثني عشر عاما فهي غالبا ما تعرف بفسها بين زميلاتها وزملائها انها ابنة الشهيد في الحرب لكنها تردف ذلك بسؤال متواصل لأمها عن شكل وملامح ابيها الشهيد لأنها لم تره ، فتردد الأم مرارا وبطريقة مفرطة في الأنفعال الغاضب انها لاتشبه ابوها بل تشبهها هي ، اي الأم .
لكن مايتضح فيما بعد ومن خلال نوبات الغضب التي تجتاح الأم وشعورها المتواصل بالأحباط واليأس انها قد حملت بالطفلة في السجن وانها تعرضت مرارا لعمليات اغتصاب من حراس السجن وعندما شعرت انها حامل ارادت التخلص من الطفلة ولكن تشاء الأقدار ان تعيش الطفلة معها هذه الحياة المليئة بالمعاناة .يضاف لهذا انها مطالبة من قبل المدرسة اثبات ان زوجها شهيد لكي يتم اعفاء ابنتها من الرسوم الدراسية ولكنها تعلن انها لاتستطيع اثبات ذلك لأن الزوج اعتبر في عداد المفقودين في الحرب .
من هنا تدب مخلفات الحرب دبيبا صامتا في ثنايا الحياة في تلك المدينة الصغيرة البعيدة من اراضي البوسنة حيث جرت ابشع عمليات القتل والأغتصاب للنساء البوسنيات وخلفت آلافا من النساء اللائي تعرضن للأغتصاب .
انه شعور الرفض المتأصل ، رفض الواقع الذي تمارسه عصمة – الأم – لكنه رفض يذهب مباشرة الى المعاملة الصارمة للطفلة وصفعها مرارا حتى تنشأ علاقة كراهية بينهما وتدفع بالأبنة الى اقامة علاقة عاطفية مع مراهق وتقوم اثرها بحلق شعرها فيما يكون كل رصيد ذلك المراهق هو مسدس حقيقي خلفه له ابوه الذي قتل في حرب البوسنة ايضا وهو المسدس نفسه الذي تشهره الأبنة في وجه امها في نوبة من نوبات الصراع بينهما لكن النهاية تحتم التفاتة انسانية بين الطرفين عندما تذهب الفتاة في رحلة مدرسية وهنا يتأكد عمق العاطفة التي تربط الأم وابنتها .
المخرجة الشابة ياسميلا زبانيتش دخلت ميدان السينما ابتداءا من العام 1997 واخرجت عدة افلام وثائقية وهذا الفيلم هو اول افلامها الروائية .
واما من صربيا فقد قدم المهرجان فيلم حلم منتصف ليل الشتاء للمخرج كوران باسكاليفيتش الذي قدم فصلا آخر من فصول الدراما البلقانية وابعادها الأنسانية المعقدة ، لازار ( الممثل لازار رستفسكي ) يخرج توا من السجن بعد عشر سنوات دون ان نعلم بالضبط ماالذي ارتكبه لكي يسجن كل هذه السنوات لكن من الواضع ومن السياق ان الرجل قد تورط في اعمال عنيفة . المهم انه عندما يعود الى مسكنه القديم الذي تركه مجبرا لسنوات ، يفاجأ بأن هنالك سيدة – جاسنا زليكا- وابنتها تقيمان في المنزل بعد نزوحهما مجبرتين من البوسنة في اجواء حرب التسعينيات التي اجتاحت اراضي البوسنة وخلفت مئات آلاف العائلات المهجرة .
يحاول لازار ان يوجد حلا لهذه المشكلة لكن تعاطفه مع الأم وابنتها المعاقة يدفعه الى القبول بالأمر الواقع والعيش معهما بسلام .وخلال ذلك يتضح ماآل اليه هذا المجتمع بعيد الحرب فلازار يشعر بنفسه غريبا عن هذه البلاد والناس فيها وهو اذ يتجول بسيارته القديمة للأجرة فأنه يشعر بصعوبة الأندماج مع ما جرى ويجري وتتجسم المأساة في العدد الهائل من المعاقين من جراء الحرب ، وربما كانت الطفلة جوانا هي خير نموذج لضحايا تلك الحرب المروعة ، فهي تتحاشى ان تكون جزءا من الزمان والمكان وهي غاليا ماتصم اذنيها متحاشية سماع اي شيء من حولها ، فكل شيء بشع ومخيف كما انها تفتقد الى مشاعر الأبوة اذ ان ابوها هو الآخر كان قد قتل في حرب البوسنة .
وسط هذا السياق هنالك من يخطب ود المرأة الأرملة فيزورها في بيتها وبعد رفض منها لوجوده وفي نوبة عنف تنتهي بأن يغمد المقص في صدر المرأة وسط لامبالاة الطفلة المعاقة التي لاتفقه شيئا مما جرى حتى وصول لازار نفسه ليجد امامه ياسنا جثة هامدة يحملها في سيارته وقد فارقت الحياة ويبكيها بمرارة قائلا للطفلة انك انت التي بقيت لي في هذه الحياة لكن الطفلة تخرج من السيارة وسط بستان مهجور بعيد وتضيع في ارجائه ولانسمع غير صوت اطلاقة لم نعرف من اين ولا من اصابت ولكن النهاية المفتوحة تنبئ بأن لازار قد اطلق النار على نفسه بعدما يئس من حياته وبعد فقده ياسنا وجوانا .
المخرج كوران باسكاليفيتش هو مخرج مخضرم ومعروف تخرج في معهد السينما في براغ واخرج حتى اليوم قرابة 30 فيلما وثائقيا وثلاثة عشر فيلما روائيا طويلا وافلامه شاركت في العديد من المهرجانات الدولية .وهو يعلق على فيلمه هذا في احدى اللقاءات الصحافية قائلا " لقد قدمت شخصيتين شعرت انهما سجينتان ، الطفلة المعاقة جوانا هي اسيرة داخل عقلها وتصوراته المحزنة ومخاوفها واما لازار فهو يعيش سجنا آخر اسمه سجن الحياة الكبير وكلاهما ضحيتان صارختان من ضحايا الحرب ".
ومن كرواتيا يقدم المخرج انتونيو نويك فيلمه " كل شيء مجانا " ويحكي قصة الشاب كوران ذو الثلاثين عاما – الممثل انس بيسلاكيتش – الذي يفقد كل اصحابه تقريبا في الحرب ويشعر انه وحيد وغريب بعيد عن اولئك الأصدقاء وفي محاولته لملمة مشاعره المبعثرة بسبب موجة عاطفية تعصف به من الحنين لذكرياته ، يقرر ان يبيع كل شيء ويذهب الى مدينة اخرى ينقطع فيها عن ذلك الماضي ويحاول نسيانه ، وهنا يجد عجوزا يدير سيارة في شكل مطعم ومقهى صغير- كارافان - فيشتريها منه ويرتحل الى مدينة كرواتية بعيدة حيث يبدأ بتقديم الطعام والشراب مجانا للزبائن وهو يفعل ذلك وسط استغراب الجميع واستمتاعه هو بما يفعل من اجل كسب مزيد من الأصدقاء وهو يفعل ذلك بطريقة لاشعورية فضلا عن كونه يشعر بلاجدوى كل شيء .
لكنه يجد نفسه في مواجهة رجل شرير يدير مقهى كبيرا ولأن مافعله كوران ادى الى استقطاب الزبائن عن مقهاه فأنه يهدده ويأمره بالذهاب بعيدا ولما يمتنع يسلط عليه اثنين من عتاة الأجرام الذين يذهبون بسيارته بعيدا ويضربونه ضربا مبرحا .
لكنه خلال ذلك يشعر بتعاطف زوجة شقيق ذلك الرجل الشرير التي تطلب منه ان يكون قويا ولايلتفت الى تهديداته ، وهو سرعان مايتعلق بالفتاة بعد ان تروي له قصة فقد زوجها في الحرب ، لكنها تجد نفسها مرة اخرى في مواجهة ذلك الرجل الشرير ، شقيق زوجها المفقود في الحرب ، الذي يضبطها وهي في صحبة كوران مواصلا تهديده ، فمايكون من كوران الا الأنسحاب من الموقف كله وقيادة سيارته بعيدا بعيدا وهو ثمل وضائع بعدما كانت تلك الفتاة آخر ملاذاته وآماله لكنه يفقدها هي الأخرى .
المخرج انتونيو هو من مواليد 1977 في سراييفو وتخرج من معهد السينما والتلفزيون في زغرب وهذا هو فيلمه الروائي الأول .
ومن كرواتيا يقدم المخرج انتونيو نويك فيلمه " كل شيء مجانا " ويحكي قصة الشاب كوران ذو الثلاثين عاما – الممثل انس بيسلاكيتش – الذي يفقد كل اصحابه تقريبا في الحرب ويشعر انه وحيد وغريب بعيد عن اولئك الأصدقاء وفي محاولته لملمة مشاعره المبعثرة بسبب موجة عاطفية تعصف به من الحنين لذكرياته ، يقرر ان يبيع كل شيء ويذهب الى مدينة اخرى ينقطع فيها عن ذلك الماضي ويحاول نسيانه ، وهنا يجد عجوزا يدير سيارة في شكل مطعم ومقهى صغير- كارافان - فيشتريها منه ويرتحل الى مدينة كرواتية بعيدة حيث يبدأ بتقديم الطعام والشراب مجانا للزبائن وهو يفعل ذلك وسط استغراب الجميع واستمتاعه هو بما يفعل من اجل كسب مزيد من الأصدقاء وهو يفعل ذلك بطريقة لاشعورية فضلا عن كونه يشعر بلاجدوى كل شيء .
لكنه يجد نفسه في مواجهة رجل شرير يدير مقهى كبيرا ولأن مافعله كوران ادى الى استقطاب الزبائن عن مقهاه فأنه يهدده ويأمره بالذهاب بعيدا ولما يمتنع يسلط عليه اثنين من عتاة الأجرام الذين يذهبون بسيارته بعيدا ويضربونه ضربا مبرحا .
لكن تلك الشعارات تتعرض للأنجراف من جراء الأمطار او من جراء عبث قطعان الأغنام والماعز اثناء مرورها على تلك الشعارات ولهذا يتم توجيه مجموعة من الشرطة لمراقبة مايجري لتلك الصخور اي الشعارات ولسوء حظه يمر الراعي (سلمان توسكا ) بمنطقة الشعارات وسرعان مايلقى القبض عليه بتهمة الخيانه العظمى وانه السبب في تخريب الشعارات ، ورغم دفاعه عن نفسه ودفاع اندريه ايضا الا ان ذلك لايشفع من احالته الى البوليس السري في مشهد محاكمة عاجلة يشهده ابناء القرية صغارا وكبارا .
واما الأطفال الصغار في المدرسة فيلقون من سوء المنعاملة مالايوصف حيث يقوم مدير المدرسة بأهانتهم وصفعهم وجر آذانهم باستمرار ، ويقدم المدير ومسؤول الحزب في القرية صورة بشعة اخرى يحاكون فيها طفلا لايتعدى الثانية عشرة من عمره على مخالفة بسيطة وينادونه مرارا ( ايها الرفيق ...هلا اخبرتنا عن سبب خروجك على القانون ).
وسط هذه القتامة يرصد اندريه بصمت وحزن مايجري وينجذب الى زميلته المعلمة في المدرسة ويتشاركان ذلك العناء وبسبب غيرة المسؤول الحزبي في القرية من اندريه لعلاقته العاطفية بتلك الفتاة ولكونه وقف يوما لمساندة سلمان توسكا الذي ارتكب خيانة بحق الوطن بتخريبه للشعارات الحزبية كما يقول مسؤول القرية ، تتم معاقبة الفتاة بنقلها الى مدرسة نائية ومعاقبة اندريه بأن يعمل فلاحا في الحقول لفترة من الزمن .
تراجيديا سريالية قاتمة تري الجميع ماكانت ترزح تحته تلك البلاد من ظلم ومصادرة لأبسط صور الكرامة الأنسانية ، انه وجود مهمش ومقفل والحياة في تلك القرية ماهي الا صورة مصغرة للحياة في بلاد او بلدان طالما رزحت تحت سطوة الأنظمة الدكتاتورية الشمولية البشعة .
بالطبع قدم المهرجان على امتداد ايامه افلاما اخرى لعدد من المخرجين في البلقان ، الا ان هذه الأفلام التي اتينا على ذكرها تعد الأبرز والأكثر اهمية من بين غيرها من الأفلام .حيث عرض فيلم " ارمين " للمخرج الكرواتي اونجين سيفيتيش و فيلم " هدرفلد " للمخرج الصربي ايفان زيكوفتش وفيلم " ظلال " للمخرج المقدوني ميلكو ماتشيفسكي وفيلم " الأب والجد " للمخرج الألباني ديميتر اناكنوستي
خاص بجريدة عمان العمانية.


مشاهد ...اماكن ...وتيارات

مشهد الناقد السينمائي بصفته شارحا للصورة

تبدو مهمة (الشارح للصورة) هي أولى مهمات الناقد الذي اعتاد ، وعوّد معه قرّائه على هذه المهمة ، أو هذه الوظيفة.
والشارح للصورة هو هذا المعلق المحايد ، أو غير المحايد الذي يساعد على الدفع بالصورة إلى حيز التداول..

الصورة قبل مهمة الشارح هي كينونة مستقلة.. انتهت صلتها بصانعها ، أو صانعيها... ليس غير قائمة الأسماء التي ترافق افتتاح الصورة أو اختتامها، المقصود أسماء المشاركين في صناعة / إنتاج الصورة.. وما بين الافتتاح- الختام ثمة كينونة متدفقة قوامها الصور/ الأصوات/ الحركة..
الصوري/ الصوتي/ الحركي هو المكون الثلاثـي الذي يرتكز عليه (شارح الصورة)..
فضالته الأولى هي ما يرى ثم ما يسمع .. وخلال ذلك يجري توظيف الحركة.. إنها البنية السيميائية الافتراضية من العلامات التي تستند إليها المكونات الثلاثة.
ولعل وظيفــــة الشارح هنا هي الوظيفة المؤجلة، إنها وظيفة بعد صورية أي انها وظيفة متولدة من انتهاء العرض وانتهاء عملية التلقي.
شارح الصورة واقعيا ليس معنيا كثيرا بوظيفة التلقي ولا العمليات التلقائية أو غير التلقائية المواكبة للعرض المرئي.
إنه من أجل المضي في وظيفة الشارح يتحاشى المقتربات التي يرى أنها (تعقد) وظيفـــــــته ، أو تضيف إليها بعداً نظريا وذهنيا.

الوظيفة المؤجلة لشارح الصورة
إن الوظيفة المؤجلة لشارح الصورة هنا ينظر إليها أحيانا على أنها وظيفة تابعة وبعدية كما قلنا.. فهي ليست وظيفة صانعة ، وعلى هذا تم نقل وظيفة الناقد إلى مهمة (مؤقتة) ، وليست ملزمة لكينونة الفيلم.
ولكي يؤسس الناقد لنفسه موقعا في العملية فإنه يلجأ إلى أيسر وأقصر الطرق وأقلها خسارة في مهمتــه ، وأكثر قبولا لدى جمهور فن الفيلم من جهة ، ولدى من ينتج الخطاب الفيلمي.. إنها مهمة من يمضي مع الفيلم في كونـه متنا حكائيا.. أو قصصيا يستوجــب الأمر أن توضح ملابساته وتركيبه.
لكن هذا المقترب إلى (المتن الحكائي) وإلى (البناء القصصي) يبدو ظاهريا مفصولا فصلا قسريا عن نظرية السرد ، وطرائق وأساليب السرد، وهي نظرية وطرائق متكاملة وتخصصية فيمـــا يجري التعامل معها من أجل خدمة وظيفة الناقد كشارح للصورة.
شارح الصورة.. إن كان ناقدا في هذا النقاش فانه قد أصبح في أمسِّ الحاجة إلى أدواته.. التي تؤهله وتساعده للمضي في وظيفته.
وعلى هذا.. كان لزاما عليه أن يحلل ثم يفكك البنية الفيلمية..
ولأنها مهمة مركبة ومتداخلة يلجا شارح الصورة إلى طريقة انتقائية تامة.. إذ ينتقي من بنية الفيلم أو ما عُرف بـ(اللغة السينمائية) ما يساعده للمضي في وظيفته.. لأن التوقف عند البنية وكينونة اللغة سيغرق شارح الصورة في وظيفة مزدوجة، وربما ذات منحى نظري/ تنظيري قد لا يساعد في الوصول إلى الهدف..

وما بين وظيفة شارح الصورة الانتقائي ، وبين وظيفـة الناقــد ثمة كينونة فيلمية.. هي ما أسميه بـ (البنية العميقة للخطاب الفيلمي)..
هذا التركيب الاصطلاحي.. أجده اقرب إلى ما أنا ماض فيه في عرض مقاربات نقدية وإعادة نظر ، وقراءة لوظيفة النقد السينمائي ، وقبل ذلك لوظيفة الناقد السينمائي.
البنية العميقة للخطاب الفيلمي كنت قد طرحتها تمهيديا في كتابي: (الخطاب السينمائي من الكلمة إلى الصورة)..

وكانـت ذات امتداد سردي مرتبط بوظائف الكاتب والمخرج.. أي بين النص والخطاب المكتوب ، والنص والخطاب المرئي.

ما بين ثنائية المكتوب/ المرئي سيولد مفصل آخر يشكل معضلة أمام (شارح الصورة).. فهو غير مهيأ للانتقال من البنية العميقـة للخطاب الفيلمي إلى ثنائية المكتوب والمرئي.. البنية والثنائية تشكلان معضلة حقيقية أمام شارح الصورة المكتفي بوظيفته التابعة وربما.. الهامشية

......................................................................................................................................

Documentaries

الفيلم الوثائقي"ملاكي " للمخرج اللبناني خليل زعرور

...................................................................................................................

تراجيديا مفقودي الحرب ، المكان ، الشخصيات المعالجة ، والشكل المبتكر

اناس لانعرفهم ولم نرهم من قبل ، ولاندري ان كنا سنلتقيهم ام لا ، ولسنا على موعد للقائهم الا ان تجتذبنا الشاشة البيضاء لكي تنسج امامنا قصصا من حياتهم واهوائهم وتعرفنا : من هم وكيف يفكرون ولم يعانون ؟ هم اولئك الذين يسيرون مع سيرورة هذه الحياة ، هم جزء حي منها بكل مافيها ، وعلى هذا اتخذت السينما الوثائقية لنفسها عينا راصدة تواكب تلك الحياة غير المرئية ، تعيد اكتشافها ، استخراجها من زمانها ومكانها حياة يصر الوثائقيون المخضرمون على انها لايجب ابدا ان تخضع الى التعديل والتغيير والتجميل ، قبح الحياة وتبعثرها وتشتتها في السينما الوثائقية هو نوع من جمالياتها ، اية معادلة غريبة هذه ، لكنها معادلة تختصر سؤالنا : هل على الفيلم الوثائقي ان يجري تغييرا وتعديلا على الواقع ام يقبله كما هو ؟ لاشك انه سجال جديد قديم تراكم مع تراكم المنجز الوثائقي حتى ظل هذا الفيلم غير جدير بالشهرة ولا بالأهمية احيانا وصالات ودول معدودة تلك التي تعرض الفيلم الوثائقي ضمن برامج عروضها ، وحتى شاشات التلفزة الفضائية فأن السواد الأعظم منها غير مكترث بالسينما الوثائقية ولا يدرج في برامجه شيئا من انجازها ، وبموازاة ذلك تبرز مسألة الموضوعات التي تطرحها السينما الوثائقية في كونها اقرب الى الريبورتاج الصحافي منها الى النوع السينمائي المستقل الذي تظهر من خلاله مهارة المبدع كما هي في هذا الفيلم الذي اعده شخصيا احد اهم الأفلام التي شاهدتها في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي مع انه لم ينل جائزة ولم يكتب عنه الكثير .

ملخص موضوع الفيلم

ربما يكون استثناءا ان نتوقف عند الموضوع وهو في شكل تسلسل في الفكرة والمضمون كما في التتابع الصوري ، كما هي الحال في هذا الفيلم ، يعرض الفيلم لخمسة او ستة نماذج ، هي قصص سيدات لبنانيات فقدن اعزائهن في الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت شرارتها العام 1975 ، ولكل واحدة منهن عالمها المرتبط بذلك العزيز المفقود ، فهذه فقدت والدها وهي طفلة وتلك فقدت زوجها اما البقية فقد فقدن ابناءهن .

تعيش كل امرأة منهن تفاصيل الفقدان وتسترجعه على طريقتها الخاصة التي امعن فيها المخرج واعاد صياغتها على طريقته التي بدت اقرب الى الحكايات الوثائقية المحاطة بشكل فني وجمالي ربما جاء مختلفا .وخلال ذلك تبقى اصوات الفجيعة صاخبة وصارخة فالضحايا تعيش قصصهم في وجدان الناس على اختلافهم وكل منهم يعبر عن ذلك الفقدان بطريقته الخاصة التي تحمل كثيرا من الأسى والشجن .

مقتربات اساسية في الفكرة والمعالجة والبناء

لعل هذا الفيلم يحمل تفردا خاصا في لغتته السينمائية حتى اني اعده احد افضل الأفلام الوثائقية التي عرضت في مهرجان دبي في هذه الدورة , نحت خليل زعرور هذه القصص ومامرتبط بها من وقائع نحتا ، كنا نعيش قلق الشخصيات واحزانها ودبيبها الصامت وهي ترمق المكان وتغادر بعيدا مع الذكريات التي خلفها المفقودون ولعل العلامة الفارقة هنا هي السرد الفيلمي الذي وان كان الفيلم وثائقيا الا ان المعالجة حتمت علينا ان نتابع ماترويه السيدات من قصصهن . وفي واقع الأمر اننا لم نجد انفسنا امام قصة معروفة ومألوفة وسبق وسمعناها ، بل نحن امام موضوع وقضية غير مطلوب منا ان نتعاطف مع اسر الضحايا الا اننا لابد ان نهتز وجدانيا ازاء مايجري امامنا .

وبالرغم من ان السيدات لم يفعلن غير استرجاع الماضي والذكريات والحنين للأعزاء وترقب عودتهم والأمل في ذلك الا اننا كنا امام دراما تتجذر في قرارة الشخصيات وتتسرب الينا ولهذا لم نكن نملك الا ان نتابع فصول تلك القصص المتنوعة الثرة :

الفتاة التي تسترجع ذكرى والدها من خلال بدلته وساعته وهي واقفة في غرفة خربة

الأم التي تسترجع صورة ابناءها وهي جالسة على كرسي قريب من البحر

السيدة التي تسترجع صورة زوجها وهي جالسة وسط الصقيع والثلج

الأم التي يختصر وجود ابنائها وعودتهم بالحياة الأجتماعية اليومية ، ان تطبخ لهم وترعاهم

الزوجة التي تسترجع ايام الحفلات العائلية

تراجيديا المكان الوثائقي

يمتلك المخرج عير هذا الفيلم تفردا خاصا مهما تمثل في توظيف المكان توظيفا متقنا وفريدا ، المكان عنده حي وناطق ، ويكمل الشخصية ويتناغم معها ويردد صدى كلماتها واحاسيسها ، وهو امر نفتقده في كثير من الأفلام سواء منها الوثائقية وحتى الروائية ، المكان يبدو واضحا انه مكان مصنوع وواضح ان المخرج يأتي بشخصياته الى الأماكن التي يختارها هو ومنها مثلا محطة وعربات القطار القديمة المحطمة ، البيت الخرب الذي تستذكر فيه المرأة اباها ، وغيرذلك لكن المخرج لايكتفي بذلك بل يمضي قدما في استثمار المكان فهو يحاول ان يمنحه بعدا آخر ربما كان شعريا وحتى سرياليا في بعض الأحيان وهو في سياق صنعه للمكان من خلال تفصيلات محددة وتوظيف للأكسسوارات فمثلا يأتي بخزانة ملابس فديمة ليس فيها سوى علاقة الملابس تحركها الريح او يأتي بساعة ضخمة معطلة ويضعها في فضاء مفتوح وهكذا بينما يستخدم لازمة الشجرة واغصانها المتيبسة وهي لازمة تتكرر في الفيلم مصحوبة بحركة كاميرا (ترافيلنغ) تنزل مستعرضة المكان ، وحيث لعبت حركات الكاميرا دورا جماليا مهما اضافيا .

..................................................................................................................


الفيلم"الوثائقي احلام الزبالين" للمخرجة مي اسكندر

صورة كفاح مذهل واصرار على الحياة

يوميات مجتمع منسي وسط اكوام من القمامة

لم اكن شخصيا سعيدا بعرض هذا الفيلم للوهلة الأولى وخاصة خلال العشرين دقيقة الأولى بسبب انه يعرض كل هذا البؤس الذي يعيشه معدمون فقراء في المقطم واجزاء اخرى من ضواحي القاهرة وهم في وسط كارثة بيئية لاانسانية في وسط اكوام القمامة ،وهو مشهد ينكرر في مدن وحواظر عربية اخرى كما نعلم ، لم اكن سعيدا لشعوري ان المشاركة المصرية كان يمكن ان تقدم افضل من هذا الفيلم لما فيه من حساسية اظهار واقع مزري ومأساوي من جراء الفقر المدقع الذي تعيشه شريحة من الشعب المصري ، الا ان ماتلا ذلك غير كثيرا من قلقي الشخصي ، فالفيلم قدم وجها آخر من اوجه الأرادة الأنسانية ، ارادة هذا الأنسان الصابر المكافح الذي حتى وهو في يعيش تحت اكثر ظروف العيش قسوة فأنه قادر على ان يحيا ويتشبث بالحياة ويصنع من ذلك الحطام شيئا ما ، شباب لم تقتل ظروف الحياة القاسية التي يعيشونها املهم في الحياة وحبهم للآخرين وانفتاحهم والبسمة التي لاتفارق وجوههم ، نعم هم شباب وجدوا انفسهم في واقع لم يصنعوه بأرادتهم بل ورثوه عن ابائهم وعائلاتهم التي اتخذت من جمع القمامة مهنة لها ، هم افراد مجتمع كامل يعد بعشرات الألوف من الذين يمتهنون هذه المهنة ولايجدون مهنة او لايعرفون مهنة سواها ...هم الشريحة التي تعيش على الهامش ، طموحاتها بسيطة وتعيش وهي بالكاد تواصل العيش وسط اكوام لاحدود لها من القمامة ...هو عالم بالكاد تجد فيه مساحة للحياة الطبيعية النظيفة ، كأنك تعيش مع الشخصيات ولاتكاد تلتقط انفاسك بحثا عن الهواء النقي والملبس النظيف والطعام والماء غير الملوث ...لاتملك الا ان تتعاطف مع التمسك بالصبر وروح الكفاح وقوة الشخصية التي صنعتها قسوة الحياة .

يوميات

يقدم الفيلم بضعة شخصيات بمثابة عينة من تلك الآلاف المؤلفة من العاملين في جمع القمامة ( ادهم ) ، (نبيل ) ، (ليلى) واصدقائهم وعائلاتهم الطيبة البسيطة ، هم قد انتظموا في جمعية تنظمشؤونهم فيما تؤدي ليلى دورا رائعا بل هي محور هام في الفيلم فهي التي تغذي في المجموعة روح الصبر والأستمرار بل انها تعلن منذ البداية انها فتحت عينيها في هذه الدنيا وهي تعيش في هذه البيئة في مجتمع الزبالين وهي لا ولن تخرج منه ولا تريد ذلك وتقول ايضا انها تعد نفسها كمثل السمكة اذا اخرجت من الماء فلن تستطيع العيش ، تقوم ليلى بدور محوري في توعية اولئك الشباب من الزبالين وعائلاتهم ، توعية صحية واجتماعية ، وهي توفر لهم (الطعوم ) المضادة للجروح والألتهابات المصاحبة للعمل في القمامة ومايترتب عليها من اخطار جمة ، تتنقل ليلى بين احبائها واصدقائها الذين يشكلون مجتمع الزبالين وبين تربية ورعاية طفلها وغالبا ماتظهر حسنة الهندام ، انيقة المظهر وكأنها تعيش في زمان غير الزمان ومكان غير المكان ...وهي تجمع شمل هؤلاء الشباب في جمعية فيلتقون جميعا ويناقشون اوضاعهم ومستقبلهم وكل مايخصهم ثم يتطور الأمر الى بدء هذا المركز البسيط توفير دروس القراءة والكتابة للزبالين وتعليم الكومبيوتر ثم بدء مرحلة جديدة هي التعامل بشكل واعي مع الموضوع من وجهة نظر بيئية .

ننتقل بعدها الى اولئك الشباب الثلاثة (نبيل وادهم ) ولكل منهم قصة ، لكن قصصهم تلتقي في المستقبل : ان يتعلموا ، ان يتطوروا ، ان يكون لهم مستقبل ما ، ان تكون لكل منهم الزوجة والحبيبة التي يحلم بها ، هم يعيشون احلامهم وهم يعومون في ذلك العالم القاتم المريع الذي يحفهم ولكنه لايوقف الأمل في داخلهم ، بالطبع قسم كبير من المجموعة هم من الأقباط ولهذا نشاهدهم وهم يؤمون الكنيسة لأداء الصلوات وحضور القداس ، ومع ذلك لايستطيع ادهم ان يترك مهنته كزبال بل يقوم بجمع الأوراق والنفايات من حول الكنيسة وهو يقول ان الناس ممكن تسخر مني الا انني سعيد بأداء هذا العمل في خدمة الكنيسة وتنظيف المكان .

ننتقل بعدها الى جهد شاق آخر يقوم به اولئك الزبالون المكافحون الا او هو القيام بفرز النفايات بحسب انواعها : الورق ، علب البلاستيك ، علب الشامبو والعصير والأجسام والنفايات المعدنية ثم يقومون بحمل تلك الأكوام الهائلة مجددا الى معامل فيها مكائن بدائية تقوم بفرم النفايات ثم لتجمع في اكياس كبيرة من البلاستك لتباع الى المعامل المتخصصة بالبلاستيك او الورق .

............................................................................................

Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

الناقد

Advertisement

*
Powered by Blogger.
**
مرحبا بكم في "ابعاد" في حلتها الجديدة ..السنة الخامسة .. مدونة د.طاهر علوان...وثائقيات ..."نانوك ابن الشمال " عبقرية فلاهيرتي ..هيرزوج الذي يحلم ماشيا .وثائقيات .فيلم العراق في شظايا ..وثائقيات .فيلم دموع غزة .وثائقيات .فيلم احلام الزبالين .وثائقيات .فيلم ملاكي...مشاهد واماكن وتيارات : حوار مع مايكل هانيكة ..جدل الرواية والفيلم في "الحب في زمن الكوليرا " وفيلم / رواية الرحلة الأخيرة ..الفانتازيا السينمائية ..احلام رولان بارت ...ليلة المشاعر والقلوب المحطمة :سينما المودافار..من رجل الخفاش الى ملك الخاتم غرائبية لاتنتهي ..بنية الفيلم القصير ..قوة الوثيقة السينمائية ..تجربة المخرج الأيطالي انطونيوني ..شاعر السينما بيرجمان ..شعرية السرد السينمائي ..فيلم افاتر ..فيلم نبي ..فيلم ملح هذا البحر ...تجربة المخرج طارق صالح ..والعديد من الموضوعات الأخرى

وثائقيات ........................Documentaries

سينما وثائقية ....Documentary Film
........................
contact
warshacinema@gmail.com

نانوك ابن الشمال ...عبقرية فلاهيرتي

ربما كان دافع الأنسان في الأكتشاف ،دافع رسم افقا لأنسان اللحظة المحاصر بكل مايحيط به ، اعادة قراءة للواقع ..البحث في ماهو لامرئي وبعيد عن الأدراك المعتاد واليومي ..هكذا بأمكان الذاكرة ان تتشظى والحواسان تحلق في فضاء لاتحده حدود ..وكذلك سمع وبصر وحواس مبدع غير معني بالسينما ابدا بل بلذة الأكتشاف وليس غير الفيلم اداة فاعلة لتحقيق مثل هذا الأكتشاف ..هذه هي خلاصة روبرت فلاهرتي(1881-1951) ، الأب الروحي والرائد بلا منازع للسينما الوثائقية ، يعيش طويلا مع اقوام لايجدون لذة فيالحياة من دونما صراع يومي من اجل القوت والبقاء ..ويكافح فلاهيرتي معهم طويلا ثم يحمل كاميرته الى القطب حيث يكتشف ذلك الكائن الوديع المكافح (نانوك) وهنالك بالضبط ترعرعت سينما وثائقية خلاقة مازالت تعلم الأجيال ...نانوك ، عبر ثلاثية مطولة ربما كانت عزفا على رومانسية وثائقية مثقلة بالشقاء ايضا ، بسبب قسوة المكان وشظف العيش حيث يقضي نانوك جوعا فيما بعد ، فلاهيرتي يؤسسس لوعي عميق بالزمان والمكان والشخصيات ، لم يلبث بعد هذا الفيلم الذي اكمله في حوالي العام 1923 لينتقل الى اماكن جزر تشهد كفاح الأنسان ايضا في الساحل الغربي لأيرلندا حيث حقق فلاهرتي رائعته الخالدة (رجل من اران)..

Nanook of the north

هيرزوج الذي يحلم ماشيا

ربما هي خلاصة تعبر عن احد اهم اعمدة السينما الألمانية ،هيرزوج (1942) ، الأنسان الحاص ، والسينمائي الشامل ، الساخط على عالم اكثر تعاسة وتشتتا وغرابة ، ولهذا فهو ماض في الغوص في الخبايا الشاسعة ...يمضي بلا كلل ..يقطع الاف الكيومترات مشيا ، هذا هو ، غير مكترث لأي شيء سوى ان يرى ويرصد ويعيش اللحظة المأزومة والزمن المثقل بالتحولات والمصاعب ، هو غير مكترث بأي شيء سوى ان يرى وان يكون عينا راصدة عبر الفيلم الوثائقي اكثر وعيا وحرفية وبمستوى مايريد ويحلم ..هو احد ركائز السينما الألمانية الجديدة واحد المع رمزها ومبدعيها ...في فيلمه ( الأزرق الوحشي هناك-2006) ثم انسان مأزوم تحاصره الطبيعة ويجوس هو في ظلماتها وقسوتها ليطلق نشيدا انسانيا مؤثرا ، اخرج وكتب السيناريو لأكثر من 40 فيلما وحتى آخر افلامهالوثائقية (كهف الأحلام غير المنسية 2010) ليس كافيا بالنسبة بهيزوج ان تكون حيا والحياة نابضة من حولك ، بل ان تقلب الصورة ايا كانت وتبحث عن وجه الحقيقة غير المرئي ، عن الألم والقسوة والجدل بين الأنسان والكون والطبيعة ...ذلك هو عالم هيزوج الشاسع الفريد الذي لايكترث الا بأن يكون ..وان يعني شيئا

Werner Hrzog

العراق في شظايا

هي بحق التجربة الواقعية الصادقة ، السينما الوثائقية تحفر عميقا في هذه التجربة وتقدم واقعا متشظيا ، واقع هو صورة عراق يدرك شخوصه انهم يتشظون حسيا ويتشظى كل شيء من حولهم في اشد الأزمنة عصفا ابان الأحتلال ومايشبه حربا كونية صبتت فيه الأمبراطورية حممها على الرؤوس بلا رحمة ..يحرص المخرج الشاب جيمس لونجلي على المراقبة الواعية لحياة الشخصيات اليومية ..فعلها من قبل في رائعته (قطاع غزة)-2002 ، اذ يثب الى اكثر الأماكن تعقيدا وسخونة ووسط صخب مايجري يترك كاميرته ان تعيش حياة الناس بصبر واناة ...هو كمن يدرب شخصياته او يدفعها ان تقول وتفعل ماتشعر به فعليا وتنسى تلك العين الثاقبة الراصدة ..في هذا الفيلم (انتاج 2006) هنالك فتى في احدى ورشات السيارات لاتملك الا ان تتفاعل معه وهو يردد حواره اليومي المكرر مع (الأسطة او مالك الورشة ) ثم ندرك ان ذلك العالم البعيد في تلك الورشة الصغيرة المنسية انما يقع في عين العاصفة حيث مراكز القوى والصراع السياسي والأحزاب والخطابات ودبابات ومجنزرات الأمبراطورية ...المخرج هنا معني بذلك العالم غير المرئي في قلب العراق ، بغداد صعودا الى قوميات واعراق واقليات ...انها دراما كامنة في حياة الشخصيات وتحولاتها ..وهي تتشظى وتلتحم ثم تتشظى من جديد ...

Iraq in fragements

دموع غزة

هناك حيث لايسمع انين وصرخات الضحايا احد ...الرصاص المصبوب مثل رقصة الطيور الذبيحة حيث تختض الأرض وتصب آلة القتل حممها على الناس ...تمعن المخرجة النرويجية (فيبيك لوكيبرج- مواليد 1945) في العيش مع الحدث وتقديم الدراما الهائلة للفتك بكل شيء حيث تحصد الآلة الحربية الأسرائيلية كل شيء ، آلة قتل عميااء تتنقل من بيت لبيت ومن شارع الى شارع لاتستثني احدا كائنا حيا او جماد، كل هؤلاء اعداء اسرائيل ولهذا تجرب فيهم آلته الحربية وكأنها في مواجهة جيوش جرارة : في مشهد القتل الكل يبحث عن الكل ، الأمهات عن الأبناء والأطفال عن امهاتهم ، هي مثل لعبة قمار عبثية تمارسها آلة القتل فحيثما تتوقف عجلة الروليت الحربية فأنها تقصف وتقتل وتقطع البشر وتحطم البيوت على رؤوس ساكنيها .تستخدم المخرجة وسائلها التعبيرية لتحتشد في نسق صوري – صوتي تعبيري متدفق بتدفق الكارثة وتعدد فصولها ..فالموت الحتمي تدركه المخرجة وهي تلج بكاميرتها في وسط الهيب والفجيعة ، العالم الصامت المتفرج كأنه يكتب كلمة ادانته من خلال اللاادانة المباشرة ولكن كلش شيء يدين مايجري من نزال بربري وهمجي يبد العزل وينتصر للخرافات والأوهام ..مابين هذا كله تبرز هذه المخرجة التي عاشت مع السينما الوثائقية منذ حوالي اربعين عاما وماتزال وبالرغم من قلة عدد افلامها (سبعة افلام منذ العام 1967 حتى الآن) ..الا ان فيلم دموع غزة يعد بحق قمة ماقدمته ومايحق لها ان تفتخر به ..

Gaza Tears

Malaki : khalel zaarourملاكي ..لخليل زعرور

فيلم احلام الزبالين للمخرجة مي اسكندر

اقرأ في ارشيف المدونة ايضا:

اغنيتي المفضلة من اديث بياف

Followers

About Us

Film Dimensions
Film Dimensions
View my complete profile

TEST SIDEBAR 3

Labels