اضواء على الأفلام المشاركة والفائزة في مهرجان الخليج السينمائي 2009-
عرض وتوصيات

الحلقة الثانية



كنت قد تحدثت في مقال سابق عن مهرجان الخليج السينمائي في دورته الثانية والذي شارك فيه السينمائيون العراقيون بجهود ذاتية وافلام سينمائية مستقلة بأربعة عشر فيلما فازت خمسة منه بأهم جوائز المهرجان وهي الجائزة الأولى لمسابقة الفيلم الروائي الطويل : وحصل عليها فيلم (فجر العالم) للمخرج العراقي عباس فاضل والجائزة الأولى لمسابقة الأفلام الوثائقية وحصل عليها فيلم جبر الوان للمخرج قيس الزبيدي والجائزة الثانية لمسابقة الأفلام الوثائقية وحصل عليها فيلم حياة مابعد السقوط للمخرج قاسم عبد والجائزة الأولى لمسابقة الفيلم القصير وحصل عليها فيلم ارض الرافدين للمخرج فنار احمد والجائزة الثانية لمسابقة افلام الطلبة الوثائقية وحصل عليها فيلم مواطنو المنطقة الحمراء للمخرج مناف شاكر.. وبعد ردود الأفعال التي عبر عنها السينمائيون والمثقفون العراقيون لهذا الفوز مرحبين ومشجعين لزمت وسائل الأعلام العراقية وخاصة الفضائيات الصمت مجتمعة ..وغريب حقا هذا الأجماع على التعتيم على فوز هؤلاء المبدعين ..ولااجد له تفسيرا ..
اذا ..سآتي الآن الى الأفلام المشاركة الأخرى في عرض شامل :

1-- فيلم ارض الرافدين :
اخراج فنار احمد إنتاج: دايفد ب. سورينسن تأليف: جاكوب كاتز تصوير: نايلز أ. هانسن موسيقا: كريستيان وينثر كريستنسن مونتاج: مارتن فريسبطولة: زلال كفاجي , سنان سباهي انتاج : الدنمارك
الفيلم هو الأول لفنار احمد الذي يعيش واسرته في المنفى في الدنمارك منذ سنوات والذي مازال يدرس السينما في احد معاهد السينما هناك .يفتتح الفيلم بتقويم يظهر تواريخ عدة تتوقف عند العام 2020 ..ثم يبدأ الفيلم موحيا ان ماسيقع من احداث هو في ذلك العام وكيف سيكون حال العراقيين يومها ..او كيف ستكون صورة بلاد وادي الرافيدن عندها ؟ يلتقط الفيلم عينة من افراد في خريف العمر مع صبي واحد وكلهم يعيشون في كهف مظلم واحد او شبه نفق ..وكل منهم مثقل بهموم ومحن فهم مشردون عن وطنهم وفارقوا احباء لهم ويرؤيدون التواصل معهم ولاسبيل غير المراسلة عبر الرسائل الورقية ولهذا يتولى شخص كتابة رسائل هؤلاء المعذبين على الآلة الكاتبة القديمة وارسال تلك الرسائل الى اشخاص في العديد من المنفي ويظهر الشقاء والحياة القاسية وهي مطبقة على هؤلاء وهم يعومن في وسط عتمة شبه تامة بملابس رثة ووجوه مليئة بالشكوى ..ومضى الفيلم بأكمله في وسط ذلك القمقم المعتم ..واعتقد انه بالرغم من تفوق الفيلم فنيا وجماليا مما اهله لنيل الجائزة الا انه بالغ في السوداوية وقدم صورة كابوسية مغرقة في اليأس لاسيما عندما وضع نبوءة عجيبة بأن ارض الرافدين ستكون هكذا عام 2020 وهو عام مهم في حياة الماليزيين مثلا لأنه العام الذي يفترض ان يبلغوا مصاف الدول المتقدمة والأكثر نموا بينما اعاد هذا الفيلم العراقيين الى قاع معتم بلا قرار ..
2- فيلم مواطنو المنطقة الحمراء :
اخراج وتأليف وموسيقى ومونتاج مناف شاكروثائقي – مسابقة افلام الطلبة : الطول 57 دقيقة
يتحدث الفيلم عن تفاصيل عمل فرقة مسرحية من الشباب اعتمدوا على انفسهم وعلى امكاناتهم الذاتية في تشكيل تلك الفرقة التي تتألف من مسرحيين درسوا او هم على مقاعد الدراسة في كلية الفنون الجميلة وكيف بدأوا والمصاعب الجمة التي واجهتهم وتجاهل الكثير من المؤسسات لأبداعم وحتى من اناس قريبين منهم ومع ذلك يواصلون مهمتهم بشجاعة ويحرصون على ان يكونوا دوما قريبين من نبض الشارع والحياة اليومية متحدين شتى انواع المخاطر التي تجابههم يوميا فهم كغيرهم من العراقيين يتشاركون في العيش في المنطقة الحمراء المشاعة للعنف والقتل والتهجير وسائر الأنتهاكات الوحشية والبربرية التي اذاقت العراقيين الأمرين .

3- فيلم آني اسمي محمد
إخراج: , بان س. شباب , سنان نجم عبدالله , يحيى حسن العلاق إنتاج: أحمد التكروري , إسراء أنرحيم , إيزابيل ستيد , رناد عبدالباقي , قاسم خرسة , محمد الداردجي , محمود الأزي تأليف: أحمد ياسين الدراجي , حيدر براح , عمار جودة , نادية عليوات
يقدم الفيلم صورة مأساوية قاتمة وبكائية اخرى عن حياة العراقيين اليوم عن الطفل محمد الذي يعما ماسحا للأحذية لمساعدة اسرته المهجرة والتي تعيش في عمان والحوار الذي يتم بينها وبين شقيقته ريم ..والفيلم هو جزء من ورشة سينمائية اقيمت في الأردن ولهذا تجد اسماءا كثيرة لكل تخصص سواء في الأخراج او التصوير او المونتاج ..
4- فيلم جندي مكلف
– انتاج اخراج بشير الماجد – (فيلم قصير) تصوير: حيدر ابراهيم موسيقا: علي أبو شهد
مونتاج: صلاح الأديب بطولة: علي فرحان , علي داخل

ربما يكون هذا الفيلم هو الكوميدي الوحيد الذي شاهدته في المهرجان والذي امتع الجمهور واضحكهم حقا بالرغم من كونه من نوع الكوميديا السوداء المرة حيث يتحدثعن جندي شاب انهكته الحرب ويخشى نهايته الحتمية في الموت الذي ينتظره كنتتيجة لأحدى المعارك المأساوية لتلك الحرب الكارثية الرهيبة والجنونية المسماة ( القادسية الثانية ) ورغم ذلك وفي اطار البروباغاندا اليومية للنظام التي دجنت الملايين تحت غسيل دماغ هائل وترهيب وقتل فأن الأب ( الممثل علي داخل) يدفع ابنه للحرب ويحثه للذهاب الى الجبهة لكي يقتل هناك فيما يتمتع الأب بمكرمة القائد من سيارة واموال ..وسط سخط الأبن الذي يعامل بقسوة ..وينتهي الفيلم بخوض الأب تجربة ان يكون هو جنديا تحت امرة ابنه .

5- فيلم بريس
– انتاج واخراج هاشم العيفاري – (فيلم قصير ) تأليف: موفق مجيد تصوير: حسين هاشم موسيقا:
هاشم العيفاري مونتاج: هاشم العيفاري تمثيل : صادق الوالي , فائز العبد الله
يتحدث الفيلم عن مهنة الخطر وهي مهنة الصحافة وعلى خلفيات اصوات زعماء العراق المتعاقبين من العهد الملكي وحتى الساعة يجري تقديم صور لمصاعب مهنة الصحافة وضحاياها من المافعين عن الكلمة الحرة وفي تقديري انها بداية طيبة لهاشم الذي التقيه للمرة الأولى واشاهد فيلما له .
6- فيلم نورا
انتاج وتأليف ومونتاج واخراج محمد توفيق تصوير كاميران ابراهيم
الفيلم من لقطة واحدة ويكعس ازدواجية تعبر عنها سيدة تعيش في الغرب فهي التي تتعامل بجفاء مع طليقها وتمنحه الفرصة لأخذ اولاده نهاية الأسبوع فأنها تتودد لصديقها وفيما هي تقترب من المنزل سرعان ماترتدي الزي الشرعي وتغطي شعرها كي تظهر بالمظهر المطلوب امام الزوج السابق وربما امام آخرين وقد اشار المخرج في معرض تعليقه الى انها ظاهرة عامة في المجتمعات الغربية تتمثل في ارتفاع معدلات الطلاق بين الجاليات العربية والمسلمة و الفصام الذي تعانيه بعض النساء بين ماترغب فيه من شكل للحياة ومايفرضه الآخرون عليها .

7- فيلم انا هو انا هي
–انتاج وتصوير ومونتاج و اخراج علي عساف (فيلم قصير)
يتحدث الفيلم عن ظاهرة كارثية تعصف بالمجتمع العراقي الا وهي الظاهرة العرقية والأثنية والمذهبية الطائفية التي تسببت في مشكلة الفرز الأثني ودفعت بالناس الى التعبير عن انفسهم بهذه الطريقة التي تتسبب في تمزيق وحدة أي مجتمع ..وبعد ان يشهر الشاب والشابة في الفيلم انتماءه العرقي فتارة هو من مذهب كذا وهي من الأثنية كذا ولاتبقى اثنية دون ان يعبر عنها الأثنان على خلفية صور الدمار الذي خلفته الحرب ومشاهد القصف والترويع ..ينتهي الفيلم بالتحام الأثنين بمقولة : انا هو ..انا هي ..

8- فيلم فايروس
تأليف وانتاج وتصوير و اخراج جمال امين ( فيلم قصير ) وهو يضاف الى رصيد جمال المتواصل فالفيلم يتحدث ببساطة عن خمسة اصدقاء عراقيين يقيمون في الدنمارك تجمعهم رحلة بالباص ويتبادلون الأحاديث التي سرعان ماستأخذ مسارا طائفيا عندما يعبر كل واحد منهم عن انتماءه العرقي والأثني ويتطور الحوار الأخوي الى جدل ومناقشات جدية حتى ان ذلك يتسبب في اختلافهم في اية موسيقى او غناء يسمعون لينتهي بهم الأمر الى انقسام عرقي يدفع الى تغيير فكرة الرحلة اذ يغادر بعضهم السيارة فيما يواصل الآخرون ..لكن عطل السيارة يجمعهم مجددا ..
9- فيلم جبر الوان
– اخراج قيس الزبيدي (وثائقي )
يتناول الفيلم جانب من سيرة الرسام العراقي المعروف جبر علوان والمقيم في روما والمعروف بأسلوبه المميز وتجربته الجادة في فن الرسم فهو واحد من الرسامين غزيري الأنتاج والموضوعات والفيلم يتابع يومياته في داخل مرسمه في روما وتنقلاته حيث يعيش فضلا عن علاقاته وصداقاته وسفره ومنفاه وهو خلاب ذلك يعرض رؤاه وكيف ينظر لتجربته وكيف ينظر للمنفى وللأبداع وقد حرص الفيلم على تعزيز الصورة الفيلمية بالموسيقى العراقية والشرقية وبأحاديث متنوعة لجبر علوان .
10- فيلم عكس الضوء
– سيناريو وتصوير اخراج قتيبة الجنابي (وثائقي )
يعرض الفيلم لجانب من سيرة الفنان التشكيلي العراقي الكبير محمود صبري وهو واحد من ابرز رموز جيل التجديد في فن الرسم اذ يضاف الى فائق حسن وحافظ الدروبي وغيرهم من المبدعين ويعرض الفيلم لتجربة هذا الرائد الكبير وهو الذي يعيش حياة صوفية ابداعية متأثرا لنظرية الكم ويعرض له وقد اخضع نفسه الى نظام دقيق في العمل والأبداع ..وهو يعيش في منفاه في براغ منذ سنوات طوال .

11- فيلم حياة مابعد السقوط
سيناريو وتصوير و اخراج قاسم عبد (وثائقي )
يعرض الفيلم من وجهة نظر المخرج نفسه ومشاهداته بعد عودته من المنفى لزيارة اسرته وبعد سقوط النظام السابق وخضوع العراق للأحتلال ، يعرض الفيلم تفاصيل الحياة اليومية لأشقاء المخرج واسرهم ومكابدات حياتهم والمصاعب التي يواجهونها واجواء الصراعات الطائفية المحيطة بهم فضلا عن التحولات الكبرى التي عصفت بالعراق كأعتقال الرئيس السابق و الأنتخابات ومشاعر القلق والترقب والخوف في موازاة الأمل والتفاؤل وهي مشاعر وانطباعات العراقيين انفسهم ويتعمق المخرج في يوميات اسرته فيواكب والده الكهل وهو يلفظ انفاسه وحادثة اختطاف شقيقه وملابسات اختطافه وتفاصيل كثيرة اخرى .

12- فيلم عدسات مفتوحة
–سيناريو وتصوير ومونتاج و اخراج ميسون باججي ( وثائقي)
تدور احدث الفيلم حول مجموعة من النساء العراقيت من عدة محافظات وهن ضمن دورة في التصوير الفوتوغرافي تقام لهن في العاصمة السورية دمشق تحت اشراف مصورة صحافية بريطانية محترفة وتعيش النساء سوية ويتقاسمن جميع التفاصيل ثم تبدأ كل واحدة منهن برواية قصة حياتها واهم المنعطفات فيها وتتضح معاناة مريرة لأولئك النسوة لثقل المحنة التي وقعت عليهن من جراء الحروب وخاصة تحت ظل الأحتلال من خوف وقتل واغتيال اعزاء عليهن وحياتهن وحياة اسرهن المهددة .

13 –فيلم ذاكرة وجذور
انتاج واخراج فاروق داوود
فيلم يكتظ بالوثائق التي نتصور الحياة اليومية للعراقيين وفي بغداد خاصة في مطلع القرن الماضي ، وهي وثائق فريدة من نوعها حصل عليها المخرج من الأرشيف الروسي ويتم عرضها خلفية لآراء وتحولات وفكر الروائي العراقي الكبير غائب طعمة فرمان وجزء مهم من سيرته فضلا مع مقابلات مع جلال الماشطة للحديث بشكل معمق عن الثقافة العراقية بشكل عام وجيل الخمسينيات في الرواية والقصة العراقية وخاصة المبدع غائب طعمة فرمان الذي يطل في هذا الفيلم متحدثا ومعلقا .

وهنالك اربعة اخرى افلام يؤسفني اني لم اشاهدها ولهذا لااستطيع الكلام عنها وهي :
فيلم روح السينما لعلي هاشم حسين وفيلم انظر لهم للؤي فاضل و فيلم حروب الكبار (للأطفال ) لعرفان رشيد وفيلم هذا ماخسرت لدريد منجم .

توصيات وملاحظات

وبعد ان عرضت للأفلام المشاركة ونوهت في المقالات الثلاثة في كتابات الى جوانب عديدة تتعلق بمشارة السينمائيين العراقيين ..فأنني احثهم جميعا الى الأستعداد الجدي من الآن للدورة المقبلة وانجاز افلام جديرة بالعرض والمنافسة ...ولتجاوز الهفوات والمشكلات التي ستظعف من افلامهم وتحرمهم فرصة المشاركة او المنافسة بودي ان الفت انظار الجميع الى الملاحظات الآتية لتفاديها قدر المستطاع ..وهي في كل الأحوال ملاحظاتي ومقترحاتي وآرائي الشخصية ..
اولا – ان محنة شعبنا وماتعرض له من مآسي واحداث كارثية تمثل في الحروب والطغيان وظلم الدكتاتورية والأحتلال جعلت واقعنا صفحة مكشوفة للقاصي والداني وحتى ادق دقائق الحياة اليومية للعراقيين قدمتها الفضائيات على مدى السنوات الماضية بما فيها فضائع القتل العشوائي والطائفي وماالى ذلك ...بناءا على ذلك لن يكون مفيدا اجترار تلك القصص وتكرارها ..ولابد من البناء عليها في تقدبم صورة اخرى نابضة بالحياة رفغم التراجيديا والمأساة التي تستند اليها ...
ثانيا : تحاشي البكائيات والنظرة السوداوية واستدرار عطف الآخرين في الأفلام المقدمة ..
ثالثا : الأبتعاد نهائيا عن الأفلام التي تسمى افلاما وان هي الا تمثيليات تلفزيونية مثقلة بالحوارات المملة واللغو .
رابعا : التجريب ..التجريب ثم التجريب والتجديد في الشكل والموضوع وجماليات الصورة واساليب المونتاج ..
خامسا : منح المكان اهمية خاصة والغوص فيه وفي تفاصيله لأن ذلك يمنح عمقا للفيلم وللشخصيات والأحداث ..
سادسا : في حال الميل للأفلام ذات الحوار فيجب الأشتغال الدقيق والعميق على الحوار وان يكون لكل كلمة دور ومعنى واهمية وان تخرج الأفلام عن الترهل واللغو والثرثرة المملة ..
سابعا : الكف عن الظرب على اوتار الطائفية والعنصرية بين العراقيين ..والبحث الجاد عن موضوعات اخرى تهم الأنسان العراقي وتطلعاته بعد ان سأم الجميع تلك الأسطوانة المملة ..
ثامنا : التقاط قصص تهم جيل الشباب وتطلعاتهم وحياتهم اليومية .

متمنيا للجميع النجاح ..


مشاهد ...اماكن ...وتيارات

مشهد الناقد السينمائي بصفته شارحا للصورة

تبدو مهمة (الشارح للصورة) هي أولى مهمات الناقد الذي اعتاد ، وعوّد معه قرّائه على هذه المهمة ، أو هذه الوظيفة.
والشارح للصورة هو هذا المعلق المحايد ، أو غير المحايد الذي يساعد على الدفع بالصورة إلى حيز التداول..

الصورة قبل مهمة الشارح هي كينونة مستقلة.. انتهت صلتها بصانعها ، أو صانعيها... ليس غير قائمة الأسماء التي ترافق افتتاح الصورة أو اختتامها، المقصود أسماء المشاركين في صناعة / إنتاج الصورة.. وما بين الافتتاح- الختام ثمة كينونة متدفقة قوامها الصور/ الأصوات/ الحركة..
الصوري/ الصوتي/ الحركي هو المكون الثلاثـي الذي يرتكز عليه (شارح الصورة)..
فضالته الأولى هي ما يرى ثم ما يسمع .. وخلال ذلك يجري توظيف الحركة.. إنها البنية السيميائية الافتراضية من العلامات التي تستند إليها المكونات الثلاثة.
ولعل وظيفــــة الشارح هنا هي الوظيفة المؤجلة، إنها وظيفة بعد صورية أي انها وظيفة متولدة من انتهاء العرض وانتهاء عملية التلقي.
شارح الصورة واقعيا ليس معنيا كثيرا بوظيفة التلقي ولا العمليات التلقائية أو غير التلقائية المواكبة للعرض المرئي.
إنه من أجل المضي في وظيفة الشارح يتحاشى المقتربات التي يرى أنها (تعقد) وظيفـــــــته ، أو تضيف إليها بعداً نظريا وذهنيا.

الوظيفة المؤجلة لشارح الصورة
إن الوظيفة المؤجلة لشارح الصورة هنا ينظر إليها أحيانا على أنها وظيفة تابعة وبعدية كما قلنا.. فهي ليست وظيفة صانعة ، وعلى هذا تم نقل وظيفة الناقد إلى مهمة (مؤقتة) ، وليست ملزمة لكينونة الفيلم.
ولكي يؤسس الناقد لنفسه موقعا في العملية فإنه يلجأ إلى أيسر وأقصر الطرق وأقلها خسارة في مهمتــه ، وأكثر قبولا لدى جمهور فن الفيلم من جهة ، ولدى من ينتج الخطاب الفيلمي.. إنها مهمة من يمضي مع الفيلم في كونـه متنا حكائيا.. أو قصصيا يستوجــب الأمر أن توضح ملابساته وتركيبه.
لكن هذا المقترب إلى (المتن الحكائي) وإلى (البناء القصصي) يبدو ظاهريا مفصولا فصلا قسريا عن نظرية السرد ، وطرائق وأساليب السرد، وهي نظرية وطرائق متكاملة وتخصصية فيمـــا يجري التعامل معها من أجل خدمة وظيفة الناقد كشارح للصورة.
شارح الصورة.. إن كان ناقدا في هذا النقاش فانه قد أصبح في أمسِّ الحاجة إلى أدواته.. التي تؤهله وتساعده للمضي في وظيفته.
وعلى هذا.. كان لزاما عليه أن يحلل ثم يفكك البنية الفيلمية..
ولأنها مهمة مركبة ومتداخلة يلجا شارح الصورة إلى طريقة انتقائية تامة.. إذ ينتقي من بنية الفيلم أو ما عُرف بـ(اللغة السينمائية) ما يساعده للمضي في وظيفته.. لأن التوقف عند البنية وكينونة اللغة سيغرق شارح الصورة في وظيفة مزدوجة، وربما ذات منحى نظري/ تنظيري قد لا يساعد في الوصول إلى الهدف..

وما بين وظيفة شارح الصورة الانتقائي ، وبين وظيفـة الناقــد ثمة كينونة فيلمية.. هي ما أسميه بـ (البنية العميقة للخطاب الفيلمي)..
هذا التركيب الاصطلاحي.. أجده اقرب إلى ما أنا ماض فيه في عرض مقاربات نقدية وإعادة نظر ، وقراءة لوظيفة النقد السينمائي ، وقبل ذلك لوظيفة الناقد السينمائي.
البنية العميقة للخطاب الفيلمي كنت قد طرحتها تمهيديا في كتابي: (الخطاب السينمائي من الكلمة إلى الصورة)..

وكانـت ذات امتداد سردي مرتبط بوظائف الكاتب والمخرج.. أي بين النص والخطاب المكتوب ، والنص والخطاب المرئي.

ما بين ثنائية المكتوب/ المرئي سيولد مفصل آخر يشكل معضلة أمام (شارح الصورة).. فهو غير مهيأ للانتقال من البنية العميقـة للخطاب الفيلمي إلى ثنائية المكتوب والمرئي.. البنية والثنائية تشكلان معضلة حقيقية أمام شارح الصورة المكتفي بوظيفته التابعة وربما.. الهامشية

......................................................................................................................................

Documentaries

الفيلم الوثائقي"ملاكي " للمخرج اللبناني خليل زعرور

...................................................................................................................

تراجيديا مفقودي الحرب ، المكان ، الشخصيات المعالجة ، والشكل المبتكر

اناس لانعرفهم ولم نرهم من قبل ، ولاندري ان كنا سنلتقيهم ام لا ، ولسنا على موعد للقائهم الا ان تجتذبنا الشاشة البيضاء لكي تنسج امامنا قصصا من حياتهم واهوائهم وتعرفنا : من هم وكيف يفكرون ولم يعانون ؟ هم اولئك الذين يسيرون مع سيرورة هذه الحياة ، هم جزء حي منها بكل مافيها ، وعلى هذا اتخذت السينما الوثائقية لنفسها عينا راصدة تواكب تلك الحياة غير المرئية ، تعيد اكتشافها ، استخراجها من زمانها ومكانها حياة يصر الوثائقيون المخضرمون على انها لايجب ابدا ان تخضع الى التعديل والتغيير والتجميل ، قبح الحياة وتبعثرها وتشتتها في السينما الوثائقية هو نوع من جمالياتها ، اية معادلة غريبة هذه ، لكنها معادلة تختصر سؤالنا : هل على الفيلم الوثائقي ان يجري تغييرا وتعديلا على الواقع ام يقبله كما هو ؟ لاشك انه سجال جديد قديم تراكم مع تراكم المنجز الوثائقي حتى ظل هذا الفيلم غير جدير بالشهرة ولا بالأهمية احيانا وصالات ودول معدودة تلك التي تعرض الفيلم الوثائقي ضمن برامج عروضها ، وحتى شاشات التلفزة الفضائية فأن السواد الأعظم منها غير مكترث بالسينما الوثائقية ولا يدرج في برامجه شيئا من انجازها ، وبموازاة ذلك تبرز مسألة الموضوعات التي تطرحها السينما الوثائقية في كونها اقرب الى الريبورتاج الصحافي منها الى النوع السينمائي المستقل الذي تظهر من خلاله مهارة المبدع كما هي في هذا الفيلم الذي اعده شخصيا احد اهم الأفلام التي شاهدتها في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي مع انه لم ينل جائزة ولم يكتب عنه الكثير .

ملخص موضوع الفيلم

ربما يكون استثناءا ان نتوقف عند الموضوع وهو في شكل تسلسل في الفكرة والمضمون كما في التتابع الصوري ، كما هي الحال في هذا الفيلم ، يعرض الفيلم لخمسة او ستة نماذج ، هي قصص سيدات لبنانيات فقدن اعزائهن في الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت شرارتها العام 1975 ، ولكل واحدة منهن عالمها المرتبط بذلك العزيز المفقود ، فهذه فقدت والدها وهي طفلة وتلك فقدت زوجها اما البقية فقد فقدن ابناءهن .

تعيش كل امرأة منهن تفاصيل الفقدان وتسترجعه على طريقتها الخاصة التي امعن فيها المخرج واعاد صياغتها على طريقته التي بدت اقرب الى الحكايات الوثائقية المحاطة بشكل فني وجمالي ربما جاء مختلفا .وخلال ذلك تبقى اصوات الفجيعة صاخبة وصارخة فالضحايا تعيش قصصهم في وجدان الناس على اختلافهم وكل منهم يعبر عن ذلك الفقدان بطريقته الخاصة التي تحمل كثيرا من الأسى والشجن .

مقتربات اساسية في الفكرة والمعالجة والبناء

لعل هذا الفيلم يحمل تفردا خاصا في لغتته السينمائية حتى اني اعده احد افضل الأفلام الوثائقية التي عرضت في مهرجان دبي في هذه الدورة , نحت خليل زعرور هذه القصص ومامرتبط بها من وقائع نحتا ، كنا نعيش قلق الشخصيات واحزانها ودبيبها الصامت وهي ترمق المكان وتغادر بعيدا مع الذكريات التي خلفها المفقودون ولعل العلامة الفارقة هنا هي السرد الفيلمي الذي وان كان الفيلم وثائقيا الا ان المعالجة حتمت علينا ان نتابع ماترويه السيدات من قصصهن . وفي واقع الأمر اننا لم نجد انفسنا امام قصة معروفة ومألوفة وسبق وسمعناها ، بل نحن امام موضوع وقضية غير مطلوب منا ان نتعاطف مع اسر الضحايا الا اننا لابد ان نهتز وجدانيا ازاء مايجري امامنا .

وبالرغم من ان السيدات لم يفعلن غير استرجاع الماضي والذكريات والحنين للأعزاء وترقب عودتهم والأمل في ذلك الا اننا كنا امام دراما تتجذر في قرارة الشخصيات وتتسرب الينا ولهذا لم نكن نملك الا ان نتابع فصول تلك القصص المتنوعة الثرة :

الفتاة التي تسترجع ذكرى والدها من خلال بدلته وساعته وهي واقفة في غرفة خربة

الأم التي تسترجع صورة ابناءها وهي جالسة على كرسي قريب من البحر

السيدة التي تسترجع صورة زوجها وهي جالسة وسط الصقيع والثلج

الأم التي يختصر وجود ابنائها وعودتهم بالحياة الأجتماعية اليومية ، ان تطبخ لهم وترعاهم

الزوجة التي تسترجع ايام الحفلات العائلية

تراجيديا المكان الوثائقي

يمتلك المخرج عير هذا الفيلم تفردا خاصا مهما تمثل في توظيف المكان توظيفا متقنا وفريدا ، المكان عنده حي وناطق ، ويكمل الشخصية ويتناغم معها ويردد صدى كلماتها واحاسيسها ، وهو امر نفتقده في كثير من الأفلام سواء منها الوثائقية وحتى الروائية ، المكان يبدو واضحا انه مكان مصنوع وواضح ان المخرج يأتي بشخصياته الى الأماكن التي يختارها هو ومنها مثلا محطة وعربات القطار القديمة المحطمة ، البيت الخرب الذي تستذكر فيه المرأة اباها ، وغيرذلك لكن المخرج لايكتفي بذلك بل يمضي قدما في استثمار المكان فهو يحاول ان يمنحه بعدا آخر ربما كان شعريا وحتى سرياليا في بعض الأحيان وهو في سياق صنعه للمكان من خلال تفصيلات محددة وتوظيف للأكسسوارات فمثلا يأتي بخزانة ملابس فديمة ليس فيها سوى علاقة الملابس تحركها الريح او يأتي بساعة ضخمة معطلة ويضعها في فضاء مفتوح وهكذا بينما يستخدم لازمة الشجرة واغصانها المتيبسة وهي لازمة تتكرر في الفيلم مصحوبة بحركة كاميرا (ترافيلنغ) تنزل مستعرضة المكان ، وحيث لعبت حركات الكاميرا دورا جماليا مهما اضافيا .

..................................................................................................................


الفيلم"الوثائقي احلام الزبالين" للمخرجة مي اسكندر

صورة كفاح مذهل واصرار على الحياة

يوميات مجتمع منسي وسط اكوام من القمامة

لم اكن شخصيا سعيدا بعرض هذا الفيلم للوهلة الأولى وخاصة خلال العشرين دقيقة الأولى بسبب انه يعرض كل هذا البؤس الذي يعيشه معدمون فقراء في المقطم واجزاء اخرى من ضواحي القاهرة وهم في وسط كارثة بيئية لاانسانية في وسط اكوام القمامة ،وهو مشهد ينكرر في مدن وحواظر عربية اخرى كما نعلم ، لم اكن سعيدا لشعوري ان المشاركة المصرية كان يمكن ان تقدم افضل من هذا الفيلم لما فيه من حساسية اظهار واقع مزري ومأساوي من جراء الفقر المدقع الذي تعيشه شريحة من الشعب المصري ، الا ان ماتلا ذلك غير كثيرا من قلقي الشخصي ، فالفيلم قدم وجها آخر من اوجه الأرادة الأنسانية ، ارادة هذا الأنسان الصابر المكافح الذي حتى وهو في يعيش تحت اكثر ظروف العيش قسوة فأنه قادر على ان يحيا ويتشبث بالحياة ويصنع من ذلك الحطام شيئا ما ، شباب لم تقتل ظروف الحياة القاسية التي يعيشونها املهم في الحياة وحبهم للآخرين وانفتاحهم والبسمة التي لاتفارق وجوههم ، نعم هم شباب وجدوا انفسهم في واقع لم يصنعوه بأرادتهم بل ورثوه عن ابائهم وعائلاتهم التي اتخذت من جمع القمامة مهنة لها ، هم افراد مجتمع كامل يعد بعشرات الألوف من الذين يمتهنون هذه المهنة ولايجدون مهنة او لايعرفون مهنة سواها ...هم الشريحة التي تعيش على الهامش ، طموحاتها بسيطة وتعيش وهي بالكاد تواصل العيش وسط اكوام لاحدود لها من القمامة ...هو عالم بالكاد تجد فيه مساحة للحياة الطبيعية النظيفة ، كأنك تعيش مع الشخصيات ولاتكاد تلتقط انفاسك بحثا عن الهواء النقي والملبس النظيف والطعام والماء غير الملوث ...لاتملك الا ان تتعاطف مع التمسك بالصبر وروح الكفاح وقوة الشخصية التي صنعتها قسوة الحياة .

يوميات

يقدم الفيلم بضعة شخصيات بمثابة عينة من تلك الآلاف المؤلفة من العاملين في جمع القمامة ( ادهم ) ، (نبيل ) ، (ليلى) واصدقائهم وعائلاتهم الطيبة البسيطة ، هم قد انتظموا في جمعية تنظمشؤونهم فيما تؤدي ليلى دورا رائعا بل هي محور هام في الفيلم فهي التي تغذي في المجموعة روح الصبر والأستمرار بل انها تعلن منذ البداية انها فتحت عينيها في هذه الدنيا وهي تعيش في هذه البيئة في مجتمع الزبالين وهي لا ولن تخرج منه ولا تريد ذلك وتقول ايضا انها تعد نفسها كمثل السمكة اذا اخرجت من الماء فلن تستطيع العيش ، تقوم ليلى بدور محوري في توعية اولئك الشباب من الزبالين وعائلاتهم ، توعية صحية واجتماعية ، وهي توفر لهم (الطعوم ) المضادة للجروح والألتهابات المصاحبة للعمل في القمامة ومايترتب عليها من اخطار جمة ، تتنقل ليلى بين احبائها واصدقائها الذين يشكلون مجتمع الزبالين وبين تربية ورعاية طفلها وغالبا ماتظهر حسنة الهندام ، انيقة المظهر وكأنها تعيش في زمان غير الزمان ومكان غير المكان ...وهي تجمع شمل هؤلاء الشباب في جمعية فيلتقون جميعا ويناقشون اوضاعهم ومستقبلهم وكل مايخصهم ثم يتطور الأمر الى بدء هذا المركز البسيط توفير دروس القراءة والكتابة للزبالين وتعليم الكومبيوتر ثم بدء مرحلة جديدة هي التعامل بشكل واعي مع الموضوع من وجهة نظر بيئية .

ننتقل بعدها الى اولئك الشباب الثلاثة (نبيل وادهم ) ولكل منهم قصة ، لكن قصصهم تلتقي في المستقبل : ان يتعلموا ، ان يتطوروا ، ان يكون لهم مستقبل ما ، ان تكون لكل منهم الزوجة والحبيبة التي يحلم بها ، هم يعيشون احلامهم وهم يعومون في ذلك العالم القاتم المريع الذي يحفهم ولكنه لايوقف الأمل في داخلهم ، بالطبع قسم كبير من المجموعة هم من الأقباط ولهذا نشاهدهم وهم يؤمون الكنيسة لأداء الصلوات وحضور القداس ، ومع ذلك لايستطيع ادهم ان يترك مهنته كزبال بل يقوم بجمع الأوراق والنفايات من حول الكنيسة وهو يقول ان الناس ممكن تسخر مني الا انني سعيد بأداء هذا العمل في خدمة الكنيسة وتنظيف المكان .

ننتقل بعدها الى جهد شاق آخر يقوم به اولئك الزبالون المكافحون الا او هو القيام بفرز النفايات بحسب انواعها : الورق ، علب البلاستيك ، علب الشامبو والعصير والأجسام والنفايات المعدنية ثم يقومون بحمل تلك الأكوام الهائلة مجددا الى معامل فيها مكائن بدائية تقوم بفرم النفايات ثم لتجمع في اكياس كبيرة من البلاستك لتباع الى المعامل المتخصصة بالبلاستيك او الورق .

............................................................................................

Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

الناقد

Advertisement

*
Powered by Blogger.
**
مرحبا بكم في "ابعاد" في حلتها الجديدة ..السنة الخامسة .. مدونة د.طاهر علوان...وثائقيات ..."نانوك ابن الشمال " عبقرية فلاهيرتي ..هيرزوج الذي يحلم ماشيا .وثائقيات .فيلم العراق في شظايا ..وثائقيات .فيلم دموع غزة .وثائقيات .فيلم احلام الزبالين .وثائقيات .فيلم ملاكي...مشاهد واماكن وتيارات : حوار مع مايكل هانيكة ..جدل الرواية والفيلم في "الحب في زمن الكوليرا " وفيلم / رواية الرحلة الأخيرة ..الفانتازيا السينمائية ..احلام رولان بارت ...ليلة المشاعر والقلوب المحطمة :سينما المودافار..من رجل الخفاش الى ملك الخاتم غرائبية لاتنتهي ..بنية الفيلم القصير ..قوة الوثيقة السينمائية ..تجربة المخرج الأيطالي انطونيوني ..شاعر السينما بيرجمان ..شعرية السرد السينمائي ..فيلم افاتر ..فيلم نبي ..فيلم ملح هذا البحر ...تجربة المخرج طارق صالح ..والعديد من الموضوعات الأخرى

وثائقيات ........................Documentaries

سينما وثائقية ....Documentary Film
........................
contact
warshacinema@gmail.com

نانوك ابن الشمال ...عبقرية فلاهيرتي

ربما كان دافع الأنسان في الأكتشاف ،دافع رسم افقا لأنسان اللحظة المحاصر بكل مايحيط به ، اعادة قراءة للواقع ..البحث في ماهو لامرئي وبعيد عن الأدراك المعتاد واليومي ..هكذا بأمكان الذاكرة ان تتشظى والحواسان تحلق في فضاء لاتحده حدود ..وكذلك سمع وبصر وحواس مبدع غير معني بالسينما ابدا بل بلذة الأكتشاف وليس غير الفيلم اداة فاعلة لتحقيق مثل هذا الأكتشاف ..هذه هي خلاصة روبرت فلاهرتي(1881-1951) ، الأب الروحي والرائد بلا منازع للسينما الوثائقية ، يعيش طويلا مع اقوام لايجدون لذة فيالحياة من دونما صراع يومي من اجل القوت والبقاء ..ويكافح فلاهيرتي معهم طويلا ثم يحمل كاميرته الى القطب حيث يكتشف ذلك الكائن الوديع المكافح (نانوك) وهنالك بالضبط ترعرعت سينما وثائقية خلاقة مازالت تعلم الأجيال ...نانوك ، عبر ثلاثية مطولة ربما كانت عزفا على رومانسية وثائقية مثقلة بالشقاء ايضا ، بسبب قسوة المكان وشظف العيش حيث يقضي نانوك جوعا فيما بعد ، فلاهيرتي يؤسسس لوعي عميق بالزمان والمكان والشخصيات ، لم يلبث بعد هذا الفيلم الذي اكمله في حوالي العام 1923 لينتقل الى اماكن جزر تشهد كفاح الأنسان ايضا في الساحل الغربي لأيرلندا حيث حقق فلاهرتي رائعته الخالدة (رجل من اران)..

Nanook of the north

هيرزوج الذي يحلم ماشيا

ربما هي خلاصة تعبر عن احد اهم اعمدة السينما الألمانية ،هيرزوج (1942) ، الأنسان الحاص ، والسينمائي الشامل ، الساخط على عالم اكثر تعاسة وتشتتا وغرابة ، ولهذا فهو ماض في الغوص في الخبايا الشاسعة ...يمضي بلا كلل ..يقطع الاف الكيومترات مشيا ، هذا هو ، غير مكترث لأي شيء سوى ان يرى ويرصد ويعيش اللحظة المأزومة والزمن المثقل بالتحولات والمصاعب ، هو غير مكترث بأي شيء سوى ان يرى وان يكون عينا راصدة عبر الفيلم الوثائقي اكثر وعيا وحرفية وبمستوى مايريد ويحلم ..هو احد ركائز السينما الألمانية الجديدة واحد المع رمزها ومبدعيها ...في فيلمه ( الأزرق الوحشي هناك-2006) ثم انسان مأزوم تحاصره الطبيعة ويجوس هو في ظلماتها وقسوتها ليطلق نشيدا انسانيا مؤثرا ، اخرج وكتب السيناريو لأكثر من 40 فيلما وحتى آخر افلامهالوثائقية (كهف الأحلام غير المنسية 2010) ليس كافيا بالنسبة بهيزوج ان تكون حيا والحياة نابضة من حولك ، بل ان تقلب الصورة ايا كانت وتبحث عن وجه الحقيقة غير المرئي ، عن الألم والقسوة والجدل بين الأنسان والكون والطبيعة ...ذلك هو عالم هيزوج الشاسع الفريد الذي لايكترث الا بأن يكون ..وان يعني شيئا

Werner Hrzog

العراق في شظايا

هي بحق التجربة الواقعية الصادقة ، السينما الوثائقية تحفر عميقا في هذه التجربة وتقدم واقعا متشظيا ، واقع هو صورة عراق يدرك شخوصه انهم يتشظون حسيا ويتشظى كل شيء من حولهم في اشد الأزمنة عصفا ابان الأحتلال ومايشبه حربا كونية صبتت فيه الأمبراطورية حممها على الرؤوس بلا رحمة ..يحرص المخرج الشاب جيمس لونجلي على المراقبة الواعية لحياة الشخصيات اليومية ..فعلها من قبل في رائعته (قطاع غزة)-2002 ، اذ يثب الى اكثر الأماكن تعقيدا وسخونة ووسط صخب مايجري يترك كاميرته ان تعيش حياة الناس بصبر واناة ...هو كمن يدرب شخصياته او يدفعها ان تقول وتفعل ماتشعر به فعليا وتنسى تلك العين الثاقبة الراصدة ..في هذا الفيلم (انتاج 2006) هنالك فتى في احدى ورشات السيارات لاتملك الا ان تتفاعل معه وهو يردد حواره اليومي المكرر مع (الأسطة او مالك الورشة ) ثم ندرك ان ذلك العالم البعيد في تلك الورشة الصغيرة المنسية انما يقع في عين العاصفة حيث مراكز القوى والصراع السياسي والأحزاب والخطابات ودبابات ومجنزرات الأمبراطورية ...المخرج هنا معني بذلك العالم غير المرئي في قلب العراق ، بغداد صعودا الى قوميات واعراق واقليات ...انها دراما كامنة في حياة الشخصيات وتحولاتها ..وهي تتشظى وتلتحم ثم تتشظى من جديد ...

Iraq in fragements

دموع غزة

هناك حيث لايسمع انين وصرخات الضحايا احد ...الرصاص المصبوب مثل رقصة الطيور الذبيحة حيث تختض الأرض وتصب آلة القتل حممها على الناس ...تمعن المخرجة النرويجية (فيبيك لوكيبرج- مواليد 1945) في العيش مع الحدث وتقديم الدراما الهائلة للفتك بكل شيء حيث تحصد الآلة الحربية الأسرائيلية كل شيء ، آلة قتل عميااء تتنقل من بيت لبيت ومن شارع الى شارع لاتستثني احدا كائنا حيا او جماد، كل هؤلاء اعداء اسرائيل ولهذا تجرب فيهم آلته الحربية وكأنها في مواجهة جيوش جرارة : في مشهد القتل الكل يبحث عن الكل ، الأمهات عن الأبناء والأطفال عن امهاتهم ، هي مثل لعبة قمار عبثية تمارسها آلة القتل فحيثما تتوقف عجلة الروليت الحربية فأنها تقصف وتقتل وتقطع البشر وتحطم البيوت على رؤوس ساكنيها .تستخدم المخرجة وسائلها التعبيرية لتحتشد في نسق صوري – صوتي تعبيري متدفق بتدفق الكارثة وتعدد فصولها ..فالموت الحتمي تدركه المخرجة وهي تلج بكاميرتها في وسط الهيب والفجيعة ، العالم الصامت المتفرج كأنه يكتب كلمة ادانته من خلال اللاادانة المباشرة ولكن كلش شيء يدين مايجري من نزال بربري وهمجي يبد العزل وينتصر للخرافات والأوهام ..مابين هذا كله تبرز هذه المخرجة التي عاشت مع السينما الوثائقية منذ حوالي اربعين عاما وماتزال وبالرغم من قلة عدد افلامها (سبعة افلام منذ العام 1967 حتى الآن) ..الا ان فيلم دموع غزة يعد بحق قمة ماقدمته ومايحق لها ان تفتخر به ..

Gaza Tears

Malaki : khalel zaarourملاكي ..لخليل زعرور

فيلم احلام الزبالين للمخرجة مي اسكندر

اقرأ في ارشيف المدونة ايضا:

اغنيتي المفضلة من اديث بياف

Followers

About Us

Film Dimensions
Film Dimensions
View my complete profile

TEST SIDEBAR 3

Labels