EUROPEAN FILM FESTIVAL 2008
الأزمات الأجتماعية ومشاكل المراهقين تستحوذ على الشاشات
وعلى مدى عشرة ايام متواصلة تواصل عروض الأفلام الروائية الأوربية الحديثة القادمة من الجهات الأربع للقارة من مختلف بلدانها ولغاتها .
المهرجان اتاح فرصة كبيرة لتلك العروض الحافلة وذلك بتخصيص جوائز مهمة للأفلام المتميزة حيث خصصت جوائز لأحسن فيلم واحسن تمثيل وجائزة الجمهور وجائزة القناة التلفزيونيةRTBF لأحسن فيلم وجائزة القناة التلفزيونية CANVAS لأحسن فيلم ايضا وجائزة القناة التلفزيونية بي البلجيكية وجائزة مؤسسة TELENET وجائزة افضل قصة وسيناريو .
وقد تألفت لجنة التحكيم من كل من السينمائيين :برونو ميرل ( فرنسا )، بيتر وينهام ( بريطانيا ) ، انيتا لينسنيكوفسكا ( مقدونيا ) ، رودي روزنبرك ( فرنسا ) ، ماري فنك ( بلجيكا ) ، ماثيو دوناك ( بلجيكا ).
ميلودراما لبنانية في فيلم الأفتتاح
انه الفيلم اللبناني من انتاج فرنسي الذي حمل عنوانين هما : ( اغنية في الرأس او ميلودراما حبيبي ) من اخراج اللبناني الفرنكوفوني هاني طمبا ، هذا الفيلم يحكي جانبا من حياة اسرة تتحدث اللغة الفرنسية وهي اسرة السيد حرفوش الأرستقراطية ، وفيها الزوجة معجبة اشد الأعجاب بأحد المغنين الفرنسيين مذ كانت شابة وطالما تستمع الى اسطواناته .
وخلال ذلك تتضح صورة بيروت قبيل نشوب الحرب ولكن اية حرب لاندري اهي الحرب الأهلية ام الأجتياح الأسرائيلي ام الحرب الأخيرة مع اسرائيل ؟ المهم ان حياة تسير ببساطة وهدوء حيث هنالك الشابة التي تعمل في مجال تجميل النساء( الممثلة بيريت قطريب) وتقدم خدماتها في بيوتهن ومنهن السيدة حرفوش هذه وخلال مشاركتهما الأستماع للمغني تنخرط الفتاة في بكاء مر بسبب تذكرها والدها الذي قضى في الحرب وخلال ذلك يجري التذكير في الفيلم بأن جميع الشخصيات في الفيلم ينتمون للطائفة المسيحية في لبنان من خلال ابراز الرموز الدينية للسيد المسيح والسيدة العذراء عليهما السلام .
ويغلف الفيلم بقالب كوميدي من خلال علاقة عائلة حرفوش بسائق الأسرة غريب الأطوار حيث انه يتبادل مع السيد حرفوش التعليقات والنكات .
ومايلبث الأمر ان يتطور الى اختطاف السيدة حرفوش وهي في داخل سيارتها المرسيدس بأنتظار السائق دون ان يشكل ذلك تحولا كبيرا في مسار الفيلم ولايشكل صدمة لأحد بقدر حنين السائق لسيارته المرسيدس ليس الا .
وهنا يجري استقدام المغني الفرنسي ( برونو كابريس) هذا المغني الذي نشهد جانبا من حياته وهو في فرنسا فهو انسان محبط في العمل وعلاقاته مع الآخرين وكذلك في الغناء الذي عرف به اذ يظهر في احد المشاهد وهو في مشادة مع زميلة له في العمل يحاول خطب ودها ويظهر في مشهد آخر وهو يحطم الجيتار بعد رفضه العزف لأصدقائه ولهذا وربما خروجا من ازمته يقرر السفر الى بيروت استجابة لدعوة اسرة حرفوش الثرية .
ويجري استقباله من لدن السائق الطريف بطريقة كوميدية ايضا ثم تنظم له زيارة استطلاعية لمصانع حرفوش للكاكاو والقهوة ولا يتردد السائق من اطلاق الرصاص على دجاجة وجدت في مخازن الشركة بالصدفة .
وتتم دعوة المغني الى حفل يقام على شرفه وتدعى اليه العائلات الثرية لكن المغني الموعود اذ ينتظره الناس كي يتحفهم بغنائه الا انه يكون في وضع مزر اذ لايقوى على الغناء وهو شبه ثمل فيلقي بنفسه في بركة الفندق وسط استغراب الجمهور وصيحات المشجعين والساخرين ، خلال هذا تكون تلك الفتاة المتخصصة في التجميل تشهد نقل الحفل المزعوم على شاشات التلفزة فتذهل لماتشاهده .
يبقى ان اشير الى المشهد الأخير من الفيلم الذي هو من اغرب مافي الفيلم على الأطلاق اذ كان مشهدا مصطنعا وملصوقا بالفيلم بشكل لايقبل الشك ، اذ تقف اسرة حرفوش باسمة ودون ان يرف لها جفن وسط الحرائق ويبدون انهم في وسط ساحة معركة اذ يتنقل جنود مدججون بالسلاح وتمر عربات عسكرية بين تقف سيارة التاكسي وسط دخان هذه الحرب تنتظر السيد المغني لغرض ان يعود الى بلده .
فيلم اصلاح – صورة الأقليات في اليونان
المشاركة اليونانية في المهرجان جاءت ملفتة للنظر من خلال هذا الفيلم (اخراج تانوس اناستوبولس ) الذي يلامس قضية حساسة وانسانية طالما ناقشتها السينما ، وهي قضية الأقليات في اوربا والتي تشكل لوحدها ظاهرة اجتماعية وسياسية في آن معا . تدور احداث هذا الفيلم حول شخص يطلق سراحه من السجن ويبدأ الفيلم من لحظة خروجه ، يتأمل الشوارع ، الأسواق ، الناس ، اماكن المهاجرين ثم قسم الخدمة الأجتماعية الذي يساعد الخارجين من السجن على تدبير حياتهم الجديدة وخلال ذلك يجري تدوين المعلومات عن السجين لكنه يرفض الأفصاح او الأجابة عن نقطة واحدة فقط وهي فيما اذا كان متزوجا ام لا .
ثم نتابعه وهو يقصد مدرسة البنات لتأمل ابنته الصغيرة وهي تمارس العابها الرياضية ثم يتبعها هي والأم ، الزوجة السابقة هي من الأقلية الألبانية ، يتعرف على محل عملها ثم تكون الأم والأبنة في طريقهما الى المنزل عندما تعترضهما الشرطة مطالبة بأبراز البطاقة الشخصية فيتدخل هو لأنقاذهما من الموقف ومن استجواب الشرطة وبعد ان يخرجهما من الموقف يكون رد فعل المرأة شديدا ضده اذ ترفضه وتتركه وتمضي وخلال ذلك تلتقيه عصابة من المتطرفين وتحييه على مافعله عندما ساهم في قتل احد المهاجرين الألبان بعد مباراة لكرة القدم ويعطونه بعض المال ثم ينتقل للعمل في نفس محل عمل الزوجة دون ان ينجح في اللقاء بها بل انها ترفضه بشدة .
تجري الأحداث على خلفية الدوافع العنصرية لدى بعض من المتطرفين اليونانيين ضد الأقلية الألبانية المهاجرة ذلك ان العصابة عندما تلتقي هذا الرجل الخارج من السجن توا تعطيه بعض المال وتحيي موقفه في قتل الألباني وتطالبه باعتباره بطلا ان يواصل مابدأه لكنه يرفض ويضطر الى افتراش الرصيف وفي ركن مقابل لشقة الزوجة والأبنة يراقبهما حتى تكتشف الزوجة ذلك وتشاهده وهو يفترش الرصيف فتتعاطف معه . يجري كل ذلك على خلفية تصاعد المشاعر الوطنية لليونانيين : مباريات كرة القدم ضد البانيا وضد تركيا خاصة ، المسيرات الطلابية ذات الطابع العسكري لتحشيد المشاعر الوطنية ، مسيرات التشييع لأحد الوطنيين اليونانيين .
تميز الفيلم بانتقالات سلسة وبأقل مايمكن من الحوارات .
وظلت لعبة الأختباء طريفة وممتعة من جهة البطل الباحث عن ذاته وزوجته وابنته .
فيما كانت من المشاهد المؤثرة مشهد العصابة من اليونانيين المتطرفين وهم يسلمونه موبايل وفيه تسجيل لمظاهرة شوفينية تم فيها قتل احد الألبان فيما كان رسم العلم اليوناني والوانه على وجه ذلك الرجل .
قلب النار – صور قاتمة من اريتريا
ومن المانيا عرض فيلم :قلب النار ، اخراج : لوجي فالورني، حيث تقع احداثه في ارتيريا وهي تطحنها الحرب الأهلية مابين فصيلين مسلحين هما الشعبية والجبهة . طفلة في حوالي العاشرة من عمرها يتم ايواؤها من الحرب في احدى الكنائس ثم تعاد لوالدها الذي سرعان مايهديها هي واختها الى الجبهة اي الى المحاربين الذين يريدون تحرير ارتيريا وهنا تجد نفسها وجها لوجه مع الحرب .
في البداية لاتكلف بواجبات حربية بل بغسيل ملابس الجنود ثم يجري تدريبها على السلاح ولكنها تقوم بأفراغ اسلحة زملائها الأولاد اليافعين من الأطلاقات مما يؤدي الى تعريضهم للخطر بسببها فتعاقب عقابا شديدا من جراء ذلك من قبل المرأة التي تشرف على تجنيد الأطفال الصغار واليافعين وزجهم في اتون الحرب الطاحنة والدماء والدمار واالرعب اليومي .
ثم ينقذها شاب محارب هو الآخر يكبرها بأكثر من عشر سنوات وهو وجد نفسه مرغما ان يكون في قلب تلك الدوامة من الدم والقتل والخراب ، ويخبرها ذلك الشاب بأنه قرر الهرب بها هي واصحابها الصغار انقاذا لهم من الحرب والموت باتجاه الحدود مع السودان ولكن مالم يكن في الحسبان هو ان يتعرض المعسكر الذي يتواجد فيه ذلك الشاب مع الأولاد الصغار والفتيات الصغيرات الى هجوم شرس ينتهي بمقل الشاب وهرب المسلحين من زملائه بما فيهم جوقة الأطفال اليافعين والفتاة الصغيرة التي تبكي الشاب وتصرخ منادية من اجل انقاذه دون جدوى في واحد من المشاهد المؤثرة في الفيلم ، لكنها تواصل مسيرتها فيما بعد هاربة من جحيم الحرب باتجاه الحدود السودانية