كاراميل
سكر بنات او كاراميل للمخرجة نادين لبكي :رجال مهمشون ونساء يبحثن عن الذات

اتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الأخيرة لجمهوره العريض وضيوفه فرصة مشاهدة الفيلم الأول للمخرجة اللبنانية الشابة نادين لبكي بعدما انشغلت قبله بأخراج الفيديو كليب والتمثيل .,
وقبل الذهاب الى الفيلم وقراءته نقديا اجد من الطريف والمفيد ان الملم نثارا عشوائيا من التعليقات التي كنت اسمعها طافية في اروقة المهرجان قبيل العرض من اناس مختلفين :
- انه فيلم مختلف ورائع ..سوف ترى ، هذه كلمات قالتها فتاة لبنانبة جميلة ونحن في المصعد موجهة تلك النصيحة لصديقها .
- التأخير في توقيت عرض الفيلم يعود الى ان المخرجة (نادين لبكي ) مشغولة بوضع اللمسات الأخيرة لماكياجها قبل دخول صالة العرض ...تعليق ثان ..
- يااخي الناس ستحتشد لمشاهدة هذا الفيلم لمشاهدة النساء العريانة ..فقط ..
- فيلم يقوم على ضربة الحظ ومخرجته محظوظة ...انتشر وعرض في طول اوربا وعرضها مع انه فيلم عادي جدا ...تعليق آخر ..
- وهل مشكلة لبنان اليوم هي في محل الكوافير الستاتي ...تعليق آخر..
هذا الخليط غير المتشابه ولا المتجانس من التعليقات ربما سلط الضوء على هذا الفيلم بالأخص من جهة موضوعه ومازاد من اهتمامي بالفيلم ان احد العاملين في احد المهرجانات العربية في اوربا بادرني بلا مناسبة ولا سبب قبل ايام من عرض الفيلم بالسؤال : وهل شاهدت فيلم كاراميل في اوربا ..فلما اجبته بالنفي بدت عليه امارات الأستغراب اذ لفت نظري ان الرجل كان معجبا بالفيلم الى حد كبير كما يبدو ...وهو من حقه ..طبعا ..ولكن ذلك اعطاني انطباعا ما عن مساحة وعيه وذائقته ...
اما الشخص الذي قدم الفيلم للجمهور اثناء مهرجان القاهرة وقدم مخرجته وممثلاته ودعاهن للصعود للخشبة لتحية الجمهور فقد صرح قائلا : انه الفيلم الذي اعاد الثقة بالفيلم اللبناني وجعله في الواجهة ..

مدخل الى قصة الفيلم


تقوم قصة الفيلم على فكرة مفادها ان هنالك بضعة نساء يجمعهن العمل في محل لتجميل النساء – كوافير – في العاصمة اللبنانية بيروت والأحداث يبدو انها تقع في السنوات الأخيرة وتحديدا قبيل حرب العام 2006 كما هي تصريحات المخرجة .
الفتيات هن كل من : ليال – الشخصية الرئيسة - ( المخرجة نادين لبكي نفسها )، نسرين (ياسمين المصري )، جمال (جيزيل عواد ) ، ريما (جوانا مكرزل ) ، بالأضافة الى الخياطة التي تقيم قريبا من محل الكوافير : روز (سهام حداد ) .
هذه الجوقة النسوية يجمعها غالبا هم نسوي ذاتي خالص :
ليال : تعشق رجلا متزوجا لاتستطيع الأحتفاظ به وتلتقيه بين مدة واخرى .
نسرين : على وشك الزواج لكنها فاقدة للعذرية من علاقة قبل الزواج.
ريما : ربما كانت ذات ميول مثلية .
جمال: غادرها القطار الى خريف العمر وتريد جر الزمن الى الوراء بتجميل نفسها .
اما روز فهي الأخرى فاتها قطار الزواج بسبب تكريس حياتها لرعاية شقيقتها التي بلغت ارذل العمر لكنها تحلم بحب او زواج متأخر من احد زبائنها وهو رجل في خريف العمر ..
هذه هي الدائرة التي تدور فيها الشخصيات التي تشكل محور الفيلم وقصته هذا اذا اضفنا شخصيات نسوية ثانوية هن زبونات المحل مؤجلين الحديث عن الشخصيات الذكورية الى مكان آخر في هذا المقال .

احالات افتراضية

ربما كان من الواضح ان ثمة دوافع انسانية واجتماعية هي في غاية البساطة تلك التي تحرك الميول الذاتية والدوافع الأنثوية فالسؤال عن لماذا ..اي لماذ تنحو هذه الشخصية هذا المنحى سلوكيا سيحيلنا الى اجابات بسيطة في ظاهر الفيلم وقصته لأن الفيلم تحاشى تماما اية احالة اخرى لظروف اجتماعية او سياسية او غيرها تدفع كل فتاة او امرأة الى ان تسلك هذا السلوك او ذاك ..وهو ما يقطع كثيرا من التأويلات المبالغ فيها التي تحيل سلوك هذه الشخصيات الى سبب او آخر غير مطروح لاتلميحا ولاتصريحا في سياق الفيلم .
ربما كانت هذه الأحالات الأفتراضية اكثر جدوى وفائدة لو اشتغلت عليها مخرجة الفيلم فهي عناصر مضافة تعزز البناء الفيلمي وتجذر الشخصيات وتمنحها مساحة اوسع في التعبير عن نفسها كما يمنحها غنى وقوة اكبر من ناحية البناء الدرامي .
من هنا كان احباط (ليال) من صعوبة حصولها على عشيقها المتزوج هو مجرد تعبير عن علاقة بين رجل وامرأة ربما كانت غير متكافئة بسبب كون العشيق متزوجا ، هذا من جهة ، اما من جهة اخرى فأننا لانعلم ولم تشأ المخرجة ان نعلم فحوى تلك العلاقة : اهي علاقة حب مجردة ؟ ام هي علاقة جنسية ؟ لاسيما وان العاشقين يلتقيان في اماكن نائية اوخربة ...رغم الحرص التام من المخرجة على طمس شخصية العشيق فلم يظهر في الفيلم مايعرف به لاتصريحا ولاتلميحا ..كما ان ليال ستبالغ في شكل هذه العلاقة عندما تستأجر غرفة في مكان للبغاء كما قالت ، فقط من اجل الأحتفال مع عشيقها بعدما عجزت عن اسئجار غرفة في اي فندق بسبب ان تلك الفنادق تطالب بأثبات الهوية وعقد الزواج ..
اذا ..مامشكلة ليال ؟ ما هدفها في الحياة ؟ اليس غير الأحتفاظ بالعشيق المتزوج اصلا ؟ لااكثر ولا اقل ..

دوافع مجهولة

لعل الفيلم لم يقل غير ذلك بالنسبة الى ليال ..فلا نعرف من هي ولا خلفيتها ولا كيف تعيش واين ؟ وما تاريخها وما افكارها ولا كيف تكونت صلتها بالعشيق ولماذا ؟ ماالدافع : المال ، الحب ، الجنس ، غير ذلك ....هي اسئلة بلا اجابات قاطعة ..
اما اذا ذهبنا الى نسرين فسنجدها تنتمي كما هو واضح الى عائلة مسلمة بينما كانت ليال مسيحية ، نسرين تحب شابا وتريد الزواج منه لكن مشكلتها انها فاقدة للعذرية من علاقة مع شخص أخر قبل الزواج ..وهذا هو سبب حيرتها وخوفها ..لكن كل شيء سيحل بعملية جراحية تجرى لها لترميم ماافسده الدهر ..وتتوج هذه الفعالية الترقيعية لشرف الفتاة بزواج احتفالي سيرقص فيه القاصي والداني ...
وامتدادا لشخصية ليال لانعرف عن نسرين غير ماذكرناه آنفا مما قدمه الفيلم وليس غير لقاء اسري على مائدة الطعام تظهر اسرة نسرين .
اما ريما :فربما كانت لقاءاتها المتكررة لتجميل سيدة شابة جميلة فيه ايحاء بالمثلية بسبب ردود افعال وتعابير تلك الزبونة المليئة بالغنج والأيحاءات الحسية ..وتجد ريما فيها صديقة او شخصية اليفة بشكل ما .
بالطبع هنالك الخياطة روز التي كما ذكرن افنت حياتها لخدمة شقيقتها التي بلغت ارذل العمر وقد استغرقت مشاهد تلك العجوز واحاديثها الطريفة مساحة مهمة من الفيلم .

الرجال المغيبون

الشخصيات الرجالية لم تتعد اربعة شخصيات هم كل من شرطي المرور و خطيب نسرين والكهل الذي يخيط ملابسه لدى روز وعشيق ليال .
الشرطي هو الشخصية الوحيدة التي تم التعريف بها بوضوح ، فهو يلاحق ليال وهي في طريقها الى موعدها الغرامي ليثبت عليها مخالفة ، ثم يدعى الى الصالون وتحلق الفتيات شاربه ويستخدمن العجينة التي يستخدمنها لأزالة الشعر من النساء لأزالة الشعر ايضا من اماكن من وجهه ، وبعد دخوله ذلك المكان وحلاقة شنبه يخرج سعيدا ، وكذلك حال السيدة ذات الأيحاءات المثلية التي تقوم ريما بقص شعرها هي الأخرى فتخرج سعيدة تماما ...
اما ماعدا الشرطي فلا توجد شخصية ذكورية يمكن التعرف اليها بوضوح والأهم منها جميعا عشيق ليال ، الشخصية الرئيسة في الفيلم الذي ظل مجهولا حتى النهاية .
ان السؤال الذي يطرح هنا هو : ماالسر في تغييب وتهميش الشخصيات الرجالية بهذا الشكل ؟ هل اريد للفيلم ان يكون فيلما نسويا خالصا مثلا وممنوع دخول الرجال اليه ؟
وهل الحياةهنا وهناك من حول الشخصيات الفيلمية تسير هادئة بتغييب الرجل وبقدرة دكان الكوافير وسكانه على منح السعادة للناس ؟
هذه فرضية تبدو مباشرة لكنها ممكنة في هذا الفيلم ‘ فكاتبي السيناريو عمدا الى بناء مغلق علما ان فكرة الفيلم هي للمخرجة نفسها صاحبة الدور الرئيس بالأضافة الى كتابة السيناريو بالمشاركة مع (رودني الحداد ) ، هذا البناء المغلق لايمنحنا اقناعا كافيا في امور عدة من اهمها فرضية انغلاق الشخصيات النسوية وتقوقعها على ذاتها طيلة يوم العمل الطويل لدرجة ان علاقتها بما هو خارج المكان سلبية غالبا : ليال تخالف نظام السير وتشاكس شرطي المرور ،نسرين خائفة من عالم اسمه الزواج بسبب فقدان عذريتها ، واماخطيبها فبمجرد خروجه معها يشتبك مع شرطي ويحال الى قسم الشرطة ، ريما وجمال لاعلاقة لهما اصلا بما هو خارجي سوى علاقة ريما بتلك الفناة ذات الأيحاءات المثلية ولما يتحقق بينهما من لقاء خارج محل الكوافير ..
من هنا وجدنا ان البحث عن الذات والهوية والسلبية هي قاسم مشترك للشخصيات في علاقتها فيما هو خارجي ومجتمع ذكوري حتى ، لكن ما هي مبررات تلك السلبية ؟ هل تعرضت ليال مثلا الى تجربة قاسية في طفولتها او مراهقتها لتعاشر من هو متزوج ؟ هل تعرضت نسرين لأغتصاب افقدها عذريتها ؟ هل تحتفظ ريما بذكرى مؤلمة اثرت في شخصيتها لتتحول الى مثلية ؟ هذه التساؤلات لايجيب عنها الفيلم مطلقا بل ولا يقترب منها ابدا ...
هذا الشكل من البناء الدرامي مالبث ان اخذ منحى آخر من خلال عدم اشباع الأفعال والمواقف ومنها مثلا لقاءات ليال بعشيقها ، نوع العلاقة بين ريما وزبونتها ، جمال ومن هي وماعلاقاتها ، وسوى ذلك من افعال غير مشبعة في الأداء والبناء الدرامي .

الموسيقى والتمثيل

لقد لفت نظري حقا في هذا الفيلم بعدما سجلته من ملاحظات على البناء الدرامي والسيناريو والمعالجة الفيلمية ، لفت نظري الأداء العفوي الشفاف للشخصيات بصفة عامة ، فميزة هذا الفيلم هي المساحة العريضة من الأداء المتماسك الذي ربما كان وراءه تدريبا متكاملا وفهما لما هو مطلوب من الشخصيات بصفة عامة ، روز مثلا ادت اداءا متميزا وحتى المشهد القصير جدا لوالدة نسرين وهي تزجي النصيحة لأبنتها وكيف عليها ان تكون زوجة ناجحة ، هذا المشهد لفت نظري شخصيا لعفويته وصدقيته ، واما ليال التي يفترض انها محور الفيلم التي تنعكس من خلالها تفاصيل تتعلق بالشخصيات الأخرى ، هذه الفتاة المسيحية جسدت بقدر مااتاح لها السيناريو ما هو مكتوب ، وقدمت مشهدا مؤثرا بحق وهي بانتظار عشيقها في الغرفة المستأجرة .
اما من جهة الموسيقى فقد اجاد ( خالد موزانار) الذي وضع الموسيقى التصويرية للفيلم اجادة تامة اذ تواشجت في تنويعاته الموسيقية عفوية الأداء مع الهارموني الموسيقي الذي حرص على بثه في العديد من المشاهد الفيلمية .

الطابع التسجيلي للمعالجة الفيلمية

اريد ان اطرح في خاتمة مراجعتي لهذا الفيلم سؤالا محددا هو : ماذا لو كان هذا الفيلم تسجيليا وليس روائيا ، ماذا لو قلبنا المعالجة الفيلمية الى معالجة تسجيلية تختفي فيها الدراما اينما وجدت وتركنا للشخصيات ان تعيش ايامها في دكان تجميل النساء ؟ لااظننا سنفقد كثيرا جدا مما قدمه هذا الفيلم ولهذا اتمنى لو كانت هنالك نسخة ثانية تسجيلية للفيلم ، فالحياة اليومية التفصيلية للشخصيات يمكن التوصل اليها بكل تأكيد في فيلم تسجيلي لاسيما وان فيلم نادين لبكي كان مقتصدا جدا في توسيع بناءه الدرامي وفي توسيع دوافع وافعال شخصياته .
واقعيا ان الطابع التسجيلي للفيلم يشكل من وجهة نظري علامة فارقة وميزة مهمة وقداختلف مع كثير من الذين يرون خلاف ذلك ...ذلك ان اسئلة كثيرة يطرحها البناء الدرامي لم تتم الأجابة عليها كما ذكرت في متن المقالة قبل قليل اذ حرصت المعالجة الفيلمية على اختزال كثير من التفصيلات ولااقول بترها وترك الأفعال مفتوحة على افق مجهول حتى بالنسبة للشخصيات لاسيما وان الفيلم انطلق من فكرة بسيطة تماما فهو لايحتمل كثيرا من التأويلات على الأطلاق ولايتحمل اكثر مما هو عليه فعلا من خطاب مباشر ويومي ومعاش ذا مسحة تسجيلية .
لهذا كله انني لست اتفق مع من قال انه يعرض لقضايا ومشكلات المرأة العربية وهو كلام فيه مبالغة وتضخيم ، اذ ان التصدي لقضايا المرأة العربية او حتى اللبنانية يتطلب خوضا في العوامل الأجتماعية والثقافية والسياسية الفاعلة والمؤثرة في حياة النساء وهو ماابتعد عنه الفيلم تماما وتحاشى اي احتكاك مع اية سلطة كانت هذا اذا استثنينا سلطة الكنيسة ربما ودورها في الحياة في لمحة بسيطة من خلال قدوم موكب احتفالي يقوده قس ودخولهم الى داخل دكان الكوافير وهو مالم افهمه ولم يكن واضحا لماذا .
في كل حال اصاب هذا الفيلم قبل عرضه في القاهرة نجاحا معروفا وسبقته سمعته قبل الوصول للقاهرة من جهة بيعه في اكثر من 20 دولة وتوزيعه وعرضه في العديد من
الصالات الأوربية والأرباح التي اصابها ...ووسط هذه السمعة وبعدما عرضت للفيلم تذكرت تعليقات المشاهدين ابان عرضه في مهرجان القاهرة وحيث اكتظت الصالة بالحضور ودخلت المخرجة وطاقمها دخولا احتفاليا الى قاعة العرض كما لم يحصل مع اي فيلم آخر في المهرجان فيما لاحقتها الكاميرات والصحافة وهي تخرج بعد انتهاء العرض لكن الفيلم لم يفلح في المنافسة على جوائز المهرجان ولم يحصل الا على شهادة تقدير


مشاهد ...اماكن ...وتيارات

مشهد الناقد السينمائي بصفته شارحا للصورة

تبدو مهمة (الشارح للصورة) هي أولى مهمات الناقد الذي اعتاد ، وعوّد معه قرّائه على هذه المهمة ، أو هذه الوظيفة.
والشارح للصورة هو هذا المعلق المحايد ، أو غير المحايد الذي يساعد على الدفع بالصورة إلى حيز التداول..

الصورة قبل مهمة الشارح هي كينونة مستقلة.. انتهت صلتها بصانعها ، أو صانعيها... ليس غير قائمة الأسماء التي ترافق افتتاح الصورة أو اختتامها، المقصود أسماء المشاركين في صناعة / إنتاج الصورة.. وما بين الافتتاح- الختام ثمة كينونة متدفقة قوامها الصور/ الأصوات/ الحركة..
الصوري/ الصوتي/ الحركي هو المكون الثلاثـي الذي يرتكز عليه (شارح الصورة)..
فضالته الأولى هي ما يرى ثم ما يسمع .. وخلال ذلك يجري توظيف الحركة.. إنها البنية السيميائية الافتراضية من العلامات التي تستند إليها المكونات الثلاثة.
ولعل وظيفــــة الشارح هنا هي الوظيفة المؤجلة، إنها وظيفة بعد صورية أي انها وظيفة متولدة من انتهاء العرض وانتهاء عملية التلقي.
شارح الصورة واقعيا ليس معنيا كثيرا بوظيفة التلقي ولا العمليات التلقائية أو غير التلقائية المواكبة للعرض المرئي.
إنه من أجل المضي في وظيفة الشارح يتحاشى المقتربات التي يرى أنها (تعقد) وظيفـــــــته ، أو تضيف إليها بعداً نظريا وذهنيا.

الوظيفة المؤجلة لشارح الصورة
إن الوظيفة المؤجلة لشارح الصورة هنا ينظر إليها أحيانا على أنها وظيفة تابعة وبعدية كما قلنا.. فهي ليست وظيفة صانعة ، وعلى هذا تم نقل وظيفة الناقد إلى مهمة (مؤقتة) ، وليست ملزمة لكينونة الفيلم.
ولكي يؤسس الناقد لنفسه موقعا في العملية فإنه يلجأ إلى أيسر وأقصر الطرق وأقلها خسارة في مهمتــه ، وأكثر قبولا لدى جمهور فن الفيلم من جهة ، ولدى من ينتج الخطاب الفيلمي.. إنها مهمة من يمضي مع الفيلم في كونـه متنا حكائيا.. أو قصصيا يستوجــب الأمر أن توضح ملابساته وتركيبه.
لكن هذا المقترب إلى (المتن الحكائي) وإلى (البناء القصصي) يبدو ظاهريا مفصولا فصلا قسريا عن نظرية السرد ، وطرائق وأساليب السرد، وهي نظرية وطرائق متكاملة وتخصصية فيمـــا يجري التعامل معها من أجل خدمة وظيفة الناقد كشارح للصورة.
شارح الصورة.. إن كان ناقدا في هذا النقاش فانه قد أصبح في أمسِّ الحاجة إلى أدواته.. التي تؤهله وتساعده للمضي في وظيفته.
وعلى هذا.. كان لزاما عليه أن يحلل ثم يفكك البنية الفيلمية..
ولأنها مهمة مركبة ومتداخلة يلجا شارح الصورة إلى طريقة انتقائية تامة.. إذ ينتقي من بنية الفيلم أو ما عُرف بـ(اللغة السينمائية) ما يساعده للمضي في وظيفته.. لأن التوقف عند البنية وكينونة اللغة سيغرق شارح الصورة في وظيفة مزدوجة، وربما ذات منحى نظري/ تنظيري قد لا يساعد في الوصول إلى الهدف..

وما بين وظيفة شارح الصورة الانتقائي ، وبين وظيفـة الناقــد ثمة كينونة فيلمية.. هي ما أسميه بـ (البنية العميقة للخطاب الفيلمي)..
هذا التركيب الاصطلاحي.. أجده اقرب إلى ما أنا ماض فيه في عرض مقاربات نقدية وإعادة نظر ، وقراءة لوظيفة النقد السينمائي ، وقبل ذلك لوظيفة الناقد السينمائي.
البنية العميقة للخطاب الفيلمي كنت قد طرحتها تمهيديا في كتابي: (الخطاب السينمائي من الكلمة إلى الصورة)..

وكانـت ذات امتداد سردي مرتبط بوظائف الكاتب والمخرج.. أي بين النص والخطاب المكتوب ، والنص والخطاب المرئي.

ما بين ثنائية المكتوب/ المرئي سيولد مفصل آخر يشكل معضلة أمام (شارح الصورة).. فهو غير مهيأ للانتقال من البنية العميقـة للخطاب الفيلمي إلى ثنائية المكتوب والمرئي.. البنية والثنائية تشكلان معضلة حقيقية أمام شارح الصورة المكتفي بوظيفته التابعة وربما.. الهامشية

......................................................................................................................................

Documentaries

الفيلم الوثائقي"ملاكي " للمخرج اللبناني خليل زعرور

...................................................................................................................

تراجيديا مفقودي الحرب ، المكان ، الشخصيات المعالجة ، والشكل المبتكر

اناس لانعرفهم ولم نرهم من قبل ، ولاندري ان كنا سنلتقيهم ام لا ، ولسنا على موعد للقائهم الا ان تجتذبنا الشاشة البيضاء لكي تنسج امامنا قصصا من حياتهم واهوائهم وتعرفنا : من هم وكيف يفكرون ولم يعانون ؟ هم اولئك الذين يسيرون مع سيرورة هذه الحياة ، هم جزء حي منها بكل مافيها ، وعلى هذا اتخذت السينما الوثائقية لنفسها عينا راصدة تواكب تلك الحياة غير المرئية ، تعيد اكتشافها ، استخراجها من زمانها ومكانها حياة يصر الوثائقيون المخضرمون على انها لايجب ابدا ان تخضع الى التعديل والتغيير والتجميل ، قبح الحياة وتبعثرها وتشتتها في السينما الوثائقية هو نوع من جمالياتها ، اية معادلة غريبة هذه ، لكنها معادلة تختصر سؤالنا : هل على الفيلم الوثائقي ان يجري تغييرا وتعديلا على الواقع ام يقبله كما هو ؟ لاشك انه سجال جديد قديم تراكم مع تراكم المنجز الوثائقي حتى ظل هذا الفيلم غير جدير بالشهرة ولا بالأهمية احيانا وصالات ودول معدودة تلك التي تعرض الفيلم الوثائقي ضمن برامج عروضها ، وحتى شاشات التلفزة الفضائية فأن السواد الأعظم منها غير مكترث بالسينما الوثائقية ولا يدرج في برامجه شيئا من انجازها ، وبموازاة ذلك تبرز مسألة الموضوعات التي تطرحها السينما الوثائقية في كونها اقرب الى الريبورتاج الصحافي منها الى النوع السينمائي المستقل الذي تظهر من خلاله مهارة المبدع كما هي في هذا الفيلم الذي اعده شخصيا احد اهم الأفلام التي شاهدتها في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي مع انه لم ينل جائزة ولم يكتب عنه الكثير .

ملخص موضوع الفيلم

ربما يكون استثناءا ان نتوقف عند الموضوع وهو في شكل تسلسل في الفكرة والمضمون كما في التتابع الصوري ، كما هي الحال في هذا الفيلم ، يعرض الفيلم لخمسة او ستة نماذج ، هي قصص سيدات لبنانيات فقدن اعزائهن في الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت شرارتها العام 1975 ، ولكل واحدة منهن عالمها المرتبط بذلك العزيز المفقود ، فهذه فقدت والدها وهي طفلة وتلك فقدت زوجها اما البقية فقد فقدن ابناءهن .

تعيش كل امرأة منهن تفاصيل الفقدان وتسترجعه على طريقتها الخاصة التي امعن فيها المخرج واعاد صياغتها على طريقته التي بدت اقرب الى الحكايات الوثائقية المحاطة بشكل فني وجمالي ربما جاء مختلفا .وخلال ذلك تبقى اصوات الفجيعة صاخبة وصارخة فالضحايا تعيش قصصهم في وجدان الناس على اختلافهم وكل منهم يعبر عن ذلك الفقدان بطريقته الخاصة التي تحمل كثيرا من الأسى والشجن .

مقتربات اساسية في الفكرة والمعالجة والبناء

لعل هذا الفيلم يحمل تفردا خاصا في لغتته السينمائية حتى اني اعده احد افضل الأفلام الوثائقية التي عرضت في مهرجان دبي في هذه الدورة , نحت خليل زعرور هذه القصص ومامرتبط بها من وقائع نحتا ، كنا نعيش قلق الشخصيات واحزانها ودبيبها الصامت وهي ترمق المكان وتغادر بعيدا مع الذكريات التي خلفها المفقودون ولعل العلامة الفارقة هنا هي السرد الفيلمي الذي وان كان الفيلم وثائقيا الا ان المعالجة حتمت علينا ان نتابع ماترويه السيدات من قصصهن . وفي واقع الأمر اننا لم نجد انفسنا امام قصة معروفة ومألوفة وسبق وسمعناها ، بل نحن امام موضوع وقضية غير مطلوب منا ان نتعاطف مع اسر الضحايا الا اننا لابد ان نهتز وجدانيا ازاء مايجري امامنا .

وبالرغم من ان السيدات لم يفعلن غير استرجاع الماضي والذكريات والحنين للأعزاء وترقب عودتهم والأمل في ذلك الا اننا كنا امام دراما تتجذر في قرارة الشخصيات وتتسرب الينا ولهذا لم نكن نملك الا ان نتابع فصول تلك القصص المتنوعة الثرة :

الفتاة التي تسترجع ذكرى والدها من خلال بدلته وساعته وهي واقفة في غرفة خربة

الأم التي تسترجع صورة ابناءها وهي جالسة على كرسي قريب من البحر

السيدة التي تسترجع صورة زوجها وهي جالسة وسط الصقيع والثلج

الأم التي يختصر وجود ابنائها وعودتهم بالحياة الأجتماعية اليومية ، ان تطبخ لهم وترعاهم

الزوجة التي تسترجع ايام الحفلات العائلية

تراجيديا المكان الوثائقي

يمتلك المخرج عير هذا الفيلم تفردا خاصا مهما تمثل في توظيف المكان توظيفا متقنا وفريدا ، المكان عنده حي وناطق ، ويكمل الشخصية ويتناغم معها ويردد صدى كلماتها واحاسيسها ، وهو امر نفتقده في كثير من الأفلام سواء منها الوثائقية وحتى الروائية ، المكان يبدو واضحا انه مكان مصنوع وواضح ان المخرج يأتي بشخصياته الى الأماكن التي يختارها هو ومنها مثلا محطة وعربات القطار القديمة المحطمة ، البيت الخرب الذي تستذكر فيه المرأة اباها ، وغيرذلك لكن المخرج لايكتفي بذلك بل يمضي قدما في استثمار المكان فهو يحاول ان يمنحه بعدا آخر ربما كان شعريا وحتى سرياليا في بعض الأحيان وهو في سياق صنعه للمكان من خلال تفصيلات محددة وتوظيف للأكسسوارات فمثلا يأتي بخزانة ملابس فديمة ليس فيها سوى علاقة الملابس تحركها الريح او يأتي بساعة ضخمة معطلة ويضعها في فضاء مفتوح وهكذا بينما يستخدم لازمة الشجرة واغصانها المتيبسة وهي لازمة تتكرر في الفيلم مصحوبة بحركة كاميرا (ترافيلنغ) تنزل مستعرضة المكان ، وحيث لعبت حركات الكاميرا دورا جماليا مهما اضافيا .

..................................................................................................................


الفيلم"الوثائقي احلام الزبالين" للمخرجة مي اسكندر

صورة كفاح مذهل واصرار على الحياة

يوميات مجتمع منسي وسط اكوام من القمامة

لم اكن شخصيا سعيدا بعرض هذا الفيلم للوهلة الأولى وخاصة خلال العشرين دقيقة الأولى بسبب انه يعرض كل هذا البؤس الذي يعيشه معدمون فقراء في المقطم واجزاء اخرى من ضواحي القاهرة وهم في وسط كارثة بيئية لاانسانية في وسط اكوام القمامة ،وهو مشهد ينكرر في مدن وحواظر عربية اخرى كما نعلم ، لم اكن سعيدا لشعوري ان المشاركة المصرية كان يمكن ان تقدم افضل من هذا الفيلم لما فيه من حساسية اظهار واقع مزري ومأساوي من جراء الفقر المدقع الذي تعيشه شريحة من الشعب المصري ، الا ان ماتلا ذلك غير كثيرا من قلقي الشخصي ، فالفيلم قدم وجها آخر من اوجه الأرادة الأنسانية ، ارادة هذا الأنسان الصابر المكافح الذي حتى وهو في يعيش تحت اكثر ظروف العيش قسوة فأنه قادر على ان يحيا ويتشبث بالحياة ويصنع من ذلك الحطام شيئا ما ، شباب لم تقتل ظروف الحياة القاسية التي يعيشونها املهم في الحياة وحبهم للآخرين وانفتاحهم والبسمة التي لاتفارق وجوههم ، نعم هم شباب وجدوا انفسهم في واقع لم يصنعوه بأرادتهم بل ورثوه عن ابائهم وعائلاتهم التي اتخذت من جمع القمامة مهنة لها ، هم افراد مجتمع كامل يعد بعشرات الألوف من الذين يمتهنون هذه المهنة ولايجدون مهنة او لايعرفون مهنة سواها ...هم الشريحة التي تعيش على الهامش ، طموحاتها بسيطة وتعيش وهي بالكاد تواصل العيش وسط اكوام لاحدود لها من القمامة ...هو عالم بالكاد تجد فيه مساحة للحياة الطبيعية النظيفة ، كأنك تعيش مع الشخصيات ولاتكاد تلتقط انفاسك بحثا عن الهواء النقي والملبس النظيف والطعام والماء غير الملوث ...لاتملك الا ان تتعاطف مع التمسك بالصبر وروح الكفاح وقوة الشخصية التي صنعتها قسوة الحياة .

يوميات

يقدم الفيلم بضعة شخصيات بمثابة عينة من تلك الآلاف المؤلفة من العاملين في جمع القمامة ( ادهم ) ، (نبيل ) ، (ليلى) واصدقائهم وعائلاتهم الطيبة البسيطة ، هم قد انتظموا في جمعية تنظمشؤونهم فيما تؤدي ليلى دورا رائعا بل هي محور هام في الفيلم فهي التي تغذي في المجموعة روح الصبر والأستمرار بل انها تعلن منذ البداية انها فتحت عينيها في هذه الدنيا وهي تعيش في هذه البيئة في مجتمع الزبالين وهي لا ولن تخرج منه ولا تريد ذلك وتقول ايضا انها تعد نفسها كمثل السمكة اذا اخرجت من الماء فلن تستطيع العيش ، تقوم ليلى بدور محوري في توعية اولئك الشباب من الزبالين وعائلاتهم ، توعية صحية واجتماعية ، وهي توفر لهم (الطعوم ) المضادة للجروح والألتهابات المصاحبة للعمل في القمامة ومايترتب عليها من اخطار جمة ، تتنقل ليلى بين احبائها واصدقائها الذين يشكلون مجتمع الزبالين وبين تربية ورعاية طفلها وغالبا ماتظهر حسنة الهندام ، انيقة المظهر وكأنها تعيش في زمان غير الزمان ومكان غير المكان ...وهي تجمع شمل هؤلاء الشباب في جمعية فيلتقون جميعا ويناقشون اوضاعهم ومستقبلهم وكل مايخصهم ثم يتطور الأمر الى بدء هذا المركز البسيط توفير دروس القراءة والكتابة للزبالين وتعليم الكومبيوتر ثم بدء مرحلة جديدة هي التعامل بشكل واعي مع الموضوع من وجهة نظر بيئية .

ننتقل بعدها الى اولئك الشباب الثلاثة (نبيل وادهم ) ولكل منهم قصة ، لكن قصصهم تلتقي في المستقبل : ان يتعلموا ، ان يتطوروا ، ان يكون لهم مستقبل ما ، ان تكون لكل منهم الزوجة والحبيبة التي يحلم بها ، هم يعيشون احلامهم وهم يعومون في ذلك العالم القاتم المريع الذي يحفهم ولكنه لايوقف الأمل في داخلهم ، بالطبع قسم كبير من المجموعة هم من الأقباط ولهذا نشاهدهم وهم يؤمون الكنيسة لأداء الصلوات وحضور القداس ، ومع ذلك لايستطيع ادهم ان يترك مهنته كزبال بل يقوم بجمع الأوراق والنفايات من حول الكنيسة وهو يقول ان الناس ممكن تسخر مني الا انني سعيد بأداء هذا العمل في خدمة الكنيسة وتنظيف المكان .

ننتقل بعدها الى جهد شاق آخر يقوم به اولئك الزبالون المكافحون الا او هو القيام بفرز النفايات بحسب انواعها : الورق ، علب البلاستيك ، علب الشامبو والعصير والأجسام والنفايات المعدنية ثم يقومون بحمل تلك الأكوام الهائلة مجددا الى معامل فيها مكائن بدائية تقوم بفرم النفايات ثم لتجمع في اكياس كبيرة من البلاستك لتباع الى المعامل المتخصصة بالبلاستيك او الورق .

............................................................................................

Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

الناقد

Advertisement

*
Powered by Blogger.
**
مرحبا بكم في "ابعاد" في حلتها الجديدة ..السنة الخامسة .. مدونة د.طاهر علوان...وثائقيات ..."نانوك ابن الشمال " عبقرية فلاهيرتي ..هيرزوج الذي يحلم ماشيا .وثائقيات .فيلم العراق في شظايا ..وثائقيات .فيلم دموع غزة .وثائقيات .فيلم احلام الزبالين .وثائقيات .فيلم ملاكي...مشاهد واماكن وتيارات : حوار مع مايكل هانيكة ..جدل الرواية والفيلم في "الحب في زمن الكوليرا " وفيلم / رواية الرحلة الأخيرة ..الفانتازيا السينمائية ..احلام رولان بارت ...ليلة المشاعر والقلوب المحطمة :سينما المودافار..من رجل الخفاش الى ملك الخاتم غرائبية لاتنتهي ..بنية الفيلم القصير ..قوة الوثيقة السينمائية ..تجربة المخرج الأيطالي انطونيوني ..شاعر السينما بيرجمان ..شعرية السرد السينمائي ..فيلم افاتر ..فيلم نبي ..فيلم ملح هذا البحر ...تجربة المخرج طارق صالح ..والعديد من الموضوعات الأخرى

وثائقيات ........................Documentaries

سينما وثائقية ....Documentary Film
........................
contact
warshacinema@gmail.com

نانوك ابن الشمال ...عبقرية فلاهيرتي

ربما كان دافع الأنسان في الأكتشاف ،دافع رسم افقا لأنسان اللحظة المحاصر بكل مايحيط به ، اعادة قراءة للواقع ..البحث في ماهو لامرئي وبعيد عن الأدراك المعتاد واليومي ..هكذا بأمكان الذاكرة ان تتشظى والحواسان تحلق في فضاء لاتحده حدود ..وكذلك سمع وبصر وحواس مبدع غير معني بالسينما ابدا بل بلذة الأكتشاف وليس غير الفيلم اداة فاعلة لتحقيق مثل هذا الأكتشاف ..هذه هي خلاصة روبرت فلاهرتي(1881-1951) ، الأب الروحي والرائد بلا منازع للسينما الوثائقية ، يعيش طويلا مع اقوام لايجدون لذة فيالحياة من دونما صراع يومي من اجل القوت والبقاء ..ويكافح فلاهيرتي معهم طويلا ثم يحمل كاميرته الى القطب حيث يكتشف ذلك الكائن الوديع المكافح (نانوك) وهنالك بالضبط ترعرعت سينما وثائقية خلاقة مازالت تعلم الأجيال ...نانوك ، عبر ثلاثية مطولة ربما كانت عزفا على رومانسية وثائقية مثقلة بالشقاء ايضا ، بسبب قسوة المكان وشظف العيش حيث يقضي نانوك جوعا فيما بعد ، فلاهيرتي يؤسسس لوعي عميق بالزمان والمكان والشخصيات ، لم يلبث بعد هذا الفيلم الذي اكمله في حوالي العام 1923 لينتقل الى اماكن جزر تشهد كفاح الأنسان ايضا في الساحل الغربي لأيرلندا حيث حقق فلاهرتي رائعته الخالدة (رجل من اران)..

Nanook of the north

هيرزوج الذي يحلم ماشيا

ربما هي خلاصة تعبر عن احد اهم اعمدة السينما الألمانية ،هيرزوج (1942) ، الأنسان الحاص ، والسينمائي الشامل ، الساخط على عالم اكثر تعاسة وتشتتا وغرابة ، ولهذا فهو ماض في الغوص في الخبايا الشاسعة ...يمضي بلا كلل ..يقطع الاف الكيومترات مشيا ، هذا هو ، غير مكترث لأي شيء سوى ان يرى ويرصد ويعيش اللحظة المأزومة والزمن المثقل بالتحولات والمصاعب ، هو غير مكترث بأي شيء سوى ان يرى وان يكون عينا راصدة عبر الفيلم الوثائقي اكثر وعيا وحرفية وبمستوى مايريد ويحلم ..هو احد ركائز السينما الألمانية الجديدة واحد المع رمزها ومبدعيها ...في فيلمه ( الأزرق الوحشي هناك-2006) ثم انسان مأزوم تحاصره الطبيعة ويجوس هو في ظلماتها وقسوتها ليطلق نشيدا انسانيا مؤثرا ، اخرج وكتب السيناريو لأكثر من 40 فيلما وحتى آخر افلامهالوثائقية (كهف الأحلام غير المنسية 2010) ليس كافيا بالنسبة بهيزوج ان تكون حيا والحياة نابضة من حولك ، بل ان تقلب الصورة ايا كانت وتبحث عن وجه الحقيقة غير المرئي ، عن الألم والقسوة والجدل بين الأنسان والكون والطبيعة ...ذلك هو عالم هيزوج الشاسع الفريد الذي لايكترث الا بأن يكون ..وان يعني شيئا

Werner Hrzog

العراق في شظايا

هي بحق التجربة الواقعية الصادقة ، السينما الوثائقية تحفر عميقا في هذه التجربة وتقدم واقعا متشظيا ، واقع هو صورة عراق يدرك شخوصه انهم يتشظون حسيا ويتشظى كل شيء من حولهم في اشد الأزمنة عصفا ابان الأحتلال ومايشبه حربا كونية صبتت فيه الأمبراطورية حممها على الرؤوس بلا رحمة ..يحرص المخرج الشاب جيمس لونجلي على المراقبة الواعية لحياة الشخصيات اليومية ..فعلها من قبل في رائعته (قطاع غزة)-2002 ، اذ يثب الى اكثر الأماكن تعقيدا وسخونة ووسط صخب مايجري يترك كاميرته ان تعيش حياة الناس بصبر واناة ...هو كمن يدرب شخصياته او يدفعها ان تقول وتفعل ماتشعر به فعليا وتنسى تلك العين الثاقبة الراصدة ..في هذا الفيلم (انتاج 2006) هنالك فتى في احدى ورشات السيارات لاتملك الا ان تتفاعل معه وهو يردد حواره اليومي المكرر مع (الأسطة او مالك الورشة ) ثم ندرك ان ذلك العالم البعيد في تلك الورشة الصغيرة المنسية انما يقع في عين العاصفة حيث مراكز القوى والصراع السياسي والأحزاب والخطابات ودبابات ومجنزرات الأمبراطورية ...المخرج هنا معني بذلك العالم غير المرئي في قلب العراق ، بغداد صعودا الى قوميات واعراق واقليات ...انها دراما كامنة في حياة الشخصيات وتحولاتها ..وهي تتشظى وتلتحم ثم تتشظى من جديد ...

Iraq in fragements

دموع غزة

هناك حيث لايسمع انين وصرخات الضحايا احد ...الرصاص المصبوب مثل رقصة الطيور الذبيحة حيث تختض الأرض وتصب آلة القتل حممها على الناس ...تمعن المخرجة النرويجية (فيبيك لوكيبرج- مواليد 1945) في العيش مع الحدث وتقديم الدراما الهائلة للفتك بكل شيء حيث تحصد الآلة الحربية الأسرائيلية كل شيء ، آلة قتل عميااء تتنقل من بيت لبيت ومن شارع الى شارع لاتستثني احدا كائنا حيا او جماد، كل هؤلاء اعداء اسرائيل ولهذا تجرب فيهم آلته الحربية وكأنها في مواجهة جيوش جرارة : في مشهد القتل الكل يبحث عن الكل ، الأمهات عن الأبناء والأطفال عن امهاتهم ، هي مثل لعبة قمار عبثية تمارسها آلة القتل فحيثما تتوقف عجلة الروليت الحربية فأنها تقصف وتقتل وتقطع البشر وتحطم البيوت على رؤوس ساكنيها .تستخدم المخرجة وسائلها التعبيرية لتحتشد في نسق صوري – صوتي تعبيري متدفق بتدفق الكارثة وتعدد فصولها ..فالموت الحتمي تدركه المخرجة وهي تلج بكاميرتها في وسط الهيب والفجيعة ، العالم الصامت المتفرج كأنه يكتب كلمة ادانته من خلال اللاادانة المباشرة ولكن كلش شيء يدين مايجري من نزال بربري وهمجي يبد العزل وينتصر للخرافات والأوهام ..مابين هذا كله تبرز هذه المخرجة التي عاشت مع السينما الوثائقية منذ حوالي اربعين عاما وماتزال وبالرغم من قلة عدد افلامها (سبعة افلام منذ العام 1967 حتى الآن) ..الا ان فيلم دموع غزة يعد بحق قمة ماقدمته ومايحق لها ان تفتخر به ..

Gaza Tears

Malaki : khalel zaarourملاكي ..لخليل زعرور

فيلم احلام الزبالين للمخرجة مي اسكندر

اقرأ في ارشيف المدونة ايضا:

اغنيتي المفضلة من اديث بياف

Followers

About Us

Film Dimensions
Film Dimensions
View my complete profile

TEST SIDEBAR 3

Labels