العنف هو الموضوع الرئيس الذي تناولته في جميع افلامي.....
قابلت 7 آلاف طفل لأختار بضعة منهم لفيلمي....
اذا اخترت الممثل الجيد لأداء الدور المناسب له فأن النجاح سيتحقق....
السينمائي هو ذلك الكائن الذي مهمته طرح الأسئلة.....
حاورته : كريس كرابس.....
مايكل هانيكة مخرج معروف على نطاق عالمي وافلامه حصدت العديد من الجوائز في المهرجانات وكان آخرها نيله الجائزة الكبرى لمهرجان كان 2009 وذلك عن فيلم الرباط الأبيض الذي يتحدث عن احداث غريبة تقع في قرية المانية صغيرة قبل الحرب العالمية الأولى مركزا على مفهوم العقاب والعنف وتأنيب الأطفال في قرية خاضعة الى سيطرة صارمة من الآباء والكنيسة وحيث الأذلال على اشده لنساء والأطفال .لقد قدم هانيكة قصة من الماضي ولكنها قصة تتناسب مع المشكلات المعاصرة ولمكانة المخرج وللأصداء التي تركها فيلمه كان معه هذا الحوار :
* هل ان فيلم الرباط الأبيض يشكل امتدادا ام اختلافا عن افلامك السابقة في طرح موضوع العنف والعنف الأجتماعي خاصة ؟
- نعم في هذا الفيلم تحدثت عن العنف , والعنف هو موضوع تناولته في جميع افلامي ، انه جزء مما يجب ان يقوله المجتمع المعاصر الذي نعيش فيه ، ولكني في افلامي السابقة تحدثت بطريقة مختلفة عن موضوع العنف ، وهي طريقتي التي اختلف بها عما تقوله وسائل الأعلام عني وما تقدمه هي ذاتها من موضوعات عن العنف ، لقد طرحت الفكرة بطريقة مختلفة ، رغم انني قد التقي مع وسائل الأعلام في جانب صغير مثل استخدام التعليق الخارجي ( (voice over في بداية الفيلم لكي اعبر عن انعكاس موضوع العنف ولكي اهيء المشاهد لقبول الفكرة .وانت تعلمين ان اي فيلم يحتوي فكرته الخاصة ويحتاج الى تقديم شكل فيلمي معين ، وانا لااعلم فيما اذا كنت سأعود في المستقبل الى موضوع وسائل الأعلام وفي النهاية فأن الفيلم يقدم نفسه ولكن من الممكن في المستقبل ان اصنع فيلما آخر يلامس هذه القضية .على اية حال ، انا لست سعيدا تجاه من يقدمني على انني متخصص في موضوع وسائل الأعلام والعنف .
* هل يمكنك ان تختصر لنا موضوع وفكرة فيلم الرباط الأبيض ؟
- لقد اردت ان اقدم اطفالا خضعوا واجبروا على قبول قيم صعبة من الجيل السابق وان تلك القيم الصعبة اصبحت بالتالي قيما لاانسانية وكانت النتيجة النهائية هي سيادة منطق (الترهيب).
* ولكن السؤال هنا هو ، هل تعني انك بصدد عرض مشكلة تخص المجتمع الألماني تحديدا ، بأعتبار ان الفيلم يعرض احداثا وقعت في قرية المانية ؟
- بالتأكيد الجواب : لا ، الا ان المشكلة وجدت في المجتمع الألماني ولكنها موجودة في مجتمعات اخرى وخاصة تلك المجتمعات التي تبالغ في تطبيق ماتؤمن به وتتشدد فيه وتصبح الفئات الأضعف هي الضحية .ونحن نرى هذه الظواهر بشكل خاص لدى المتدينين المتعصبين والسياسيين كذلك سواء اكانوا من اليمين او من اليسار ، لهذا أأمل ان لااحد يعد هذا العمل على انه معني بالسؤال والأجابة عن المجتمع الألماني فقط.
* وكيف اخترت كل هؤلاء الممثلين ؟
- لقد الهمتني وجوه الناس في الحقبة التي تجري فيها احداث الفيلم ان ابحث عن هؤلاء الأطفال ، كان علينا ان نبحث لمدة ستة اشهر عن اطفال يناسبون هذا الفيلم .واعتقد اننا قابلنا حوالي 7 آلاف طفل .ولكن بالطبع لم اقم بذلك لوحدي بل من خلال فريق العمل والمساعدين العاملين معي . وهذا كان ضروريا لأنني لم ارد فقط وجوها جميلة للأطفال فهؤلاء الأطفال كانت لديهم القدرة على التمثيل وهو امر مهم . واما بالنسبة للكبار فقد كانت المسألة اسهل ، اذ كان في ذهني عدد من الممثلين لأداء ادوار محددة وكذلك كانت لي فرصة سابقة للعمل مع بعض اولئك الممثلين في افلام سابقة .
* وكيف قمت بأدارة الممثلين في هذا الفيلم ؟
-انا افضل عدم اعطاء الكثير من الشرح والتفاصيل للممثلين ، فعندما يكون الممثل جيدا وقرأ السيناريو جيدا واستعد له فأن بمستطاعه ان يكون جاهزا لأداء الدور بشكل متقن ، عندها اشرح للممثل او الممثلة ماهي المشكلة او ماهو الخطأ . ولكن بشكل عام استطيع ان اقول انني دائما ماكنت اعمل مع ممثلين ممتازين ولم تكن لديهم اية مشكلة مع حقيقة انني لااعطيهم مزيد من التفاصيل والشروحات .انا اعتقد ان الأمر برمته يعتمد على حسن اختيار الممثل واستعداده ومثابرته ، اذا اخترت الممثل الجيد لأداء دور مناسب له فأن النجاح سيتحقق ولكن خطة العمل مع الممثل يجب ان تكون واضحة من البداية .
* وما تقييمك لأداء الممثلين في فيلمك بشكل عام ؟
- الجواب هو انني قرأت مؤخرا مقالا مطولا عن الفيلم من زاوية وجهة نظر الآباء والأبناء في هذا الفيلم، وانا لست متأكدا ان كانت وجهة النظر تلك صحيحة ام لا ، في كل حال فأنني لست قلقا من تلك المستويات المتعددة للفهم والوصول الى النتائج .
* ولكن القراءات المتعددة للفيلم ظهرت عندما وجد الصحافيون والنقاد والجمهور انفسهم ازاء كم من الأسئلة التي طرحها الفيلم دون ان يجيب عليها اجابات محددة ..ماقولك في ذلك ؟
- ان هدفي في الواقع هو ان يبقى المشاهد محملا بكم من الأسئلة بعد مشاهدته الفيلم . وانا دائما مااسعى الى تقديم قصة الفيلم بطريقة تجعل الجمهور يتساءل عن مضمون الفيلم . ولكن توفر اجابات لجميع تلك الأسئلة قد يؤدي الى نتائج عكسية . وفي كل الأحوال فأن المشاهد يواصل توجيه مختلف الأسئلة و هذه الحالة نفسها التي تتكرر منذ فيلمي الأول . انني لست الشخص العالم بكل شيء لكي استطيع الأجابة عن جميع الأسئلة التي تتعلق بفيلمي هذا او اي فيلم سابق من افلامي .
يجب ان نفهم العالم كما هو ..كما نراه ..وندركه وان السينمائي هو ذلك الكائن الذي مهمته طرح الأسئلة .
ولو امتلك البشر الأجابات عن جميع الأسئلة لكان العالم في وضع آخر مختلف تماما .
ان اعطاء اجابات عامة عن جميع المشاكل والقضايا هو ليس نوع من السذاجة بل هو نوع من الغباء .وليس من الحكمة تماما ان توفر اجابات عن جميع التساؤلات التي يطرحها الفيلم ، ولكن ربما يكون من المفيد اكثر طرح اسئلة مهمة في بعض الأحيان .
فيلمه "الرباط الأبيض" الفائز بجائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي2009