Antichrist

Thursday, April 7, 2011






الجنسانية ، الجنون ومتعة الألم في تصاعدها وانطفائها....



..
مشهد حميم يجمع بين (وليم ديفو) وزوجته ( شارلوت غينسبورغ ) كائنان يهيمان في كون مجهول هو مدخل الفيلم ..ولم هما هكذا ؟ في التكرار والأنبلاج البورنوغرافي ؟ وما حاجتنا لقراءة الجسد على مخدع الزوجية ؟وهو بدهية الكائنات في تزاوجها ؟ وماالغاية من تلك الموسيقى التي تشبه موسيقى ترانيم الكنائس لتقرن بالمشهد المكشوف ذاك ؟ لا اجابة عاجلة فلنمض ...
عاصفة الأبيض والأسود التي افتتحت الفيلم من الجنسانية الشهوانية المتدفقة هي برسم عالم مجهول خلاصته ذلك التأكيد الممنهج على فورة الجسد ..لماذا ؟ وافلام البورنو ركام فوق الركام وبالسرعة البطيئة نتابع ذلك العصف الضوئي ليترافق مع ظهور الطفل في عدد من اللقطات الحميمية تلك ... لكن تتوج تلك الجنسانية الشهوانية المتدفقة بتأبين واحزان تكمل المشهد فمن اللهو الجنساني الى المقبرة فجأة لاتفصل بين العالمين غير ثوان : لقد قضى الطفل ..بينما الزوجين يتبادلان الأدوار ..ويتيهان في الشهوة العارمة .. يخرج الزوجان مع آخرين من المقبرة بعد مواراة الطفل .. الطفل الذي سقط من علو بينما كان الزوجان منشغلان في اداء مشهدهما الهائج ..وبانهيار المشهد الشاعري تنهار الزوجة .. تحول دراماتيكي كبير هو انهيار الزوجة وانخراطها في العويل والنحيب والعزلة والكوابيس..لكن الحلول النفسانية ربما كانت حلا ويحاول الزوج ان يساعد للخروج بالزوجة مما هي فيه وذلك بأستخدام مهاراته كطبيب نفساني ..حتى ينتهي به الأمر الى السعي لمعرفة أي الأماكن تخيفها اكثر من غيرها وتسبب لها الرعب والكوابيس .. اذا لم يعد الأنسان / الغول / الوحش / الشبح هو الذي يقض مضاجع المرأة التي تهاوت شاعريتها الى عاصفة من الجنون ..بل هو المكان الذي يطاردها ..المكان بديل عن الأنسان الوحش الدراكولا او الشبح ..وتقول : انها الغابة البعيدة هناك ..المسماة ب( غابة عدن ) ..ويسألها عن اكثر مكان في الغابة يخيفها فتقول انه الجسر الخشبي ..اذا يتحول المكان : الغابة والجسر الى وعائين للرعب والفصام ..واشكال من الهيجان والهلع الهستيري ..ويقرر الزوج ان يصحب زوجته الى تلك الغابة والى البيت الخشبي الذي يمتلكانه هناك .. وخلال رحلة الوصول الى البيت تصاب الزوجة بنوبات متواصلة من الفزع وتستريح في وسط الغابة وتتذكر كيف ان زوجها قد طالبها ان تتخيل الغابة بجميع تفاصيلها وهي تسير هناك وحيدة مذعورة وان تنام على العشب وتتحول الى جزء من ذلك العشب في اللون والجسم ..تتماهى تماما وتغيب وتضيع في الحيز المكاني ، في العشب الطري وفي لونه ..ولكن نوبات الفزع لن تتوقف بل تستمر في مطاردتها مما يدفع بالزوج الى العودة الى المشاهد الحميمية معها كأنقاذ وتسكين مؤقت لها ..وهو حل سيكولوجي غريب ، اذ ان ذلك الجيشان الأنساني سرعان مايخرس ساعة يخرس الفم ويسكن الجسد لحظة التئام عادية بين زوجين غائبين عن الكوكب في غابة مهجورة معزولة وقد تحولت الى مشفى في فهم الزوج ..وساحة للصراع بالنسبة للزوجة المحطمة ..حتى انه يجدها وهي تضرب رأسها بقوة في داخل الحمام فتكون مشاركتها في الفراش هي الحل مرة اخرى واخرى


الذات الهائمة
.
وفي البيت الريفي تتطور ازمة الزوجة ، اذ يتحول الأمر الى تساؤلات عن الذات والأنثى والجنس والحياة وتغوص هي في دواخل ذاتها المجهولة ..وحتى المكان الذي ينامان فيه في الغابة لايوفر لهما الهدوء والراحة المطلوبة اذ ان هنالك بقايا الأشجار وقطع الحجارة التي تتساقط على سطح ذلك البيت الخشبي وكأنها الأصوات المتواصلة الصارخة في اعماق الذات ..تلك التي تحطم الهدوء لتشيع التوتر والأغتراب .. اصوات لاتتوقف طيلة الليل حتى اذا طلع النهار عادت الزوجة الى نوباتها المتفجرة وبحثها عن ذاتها سواء بممارستها العادة السرية بمحاذاة تلك الشجرة الضخمة متشعبة الجذور والتي سيقرنها الأثنان بشجرة الأناث في حديقة عدن ، الأناث اللائي يختبئن خلف كل غصن من اغصانها الميتة وحيث تتلوى نلك الأغصان متشعبة تاركة تحتها كهفا مجهولا عميقا ومعتما ومترافقا مع صور من القرون الوسطى تقرن الميثولوجيا بالذات الهائمة اذ يكتشف الزوج تلك الببليوغرافيا الصورية في ركن مجهول ومعزول من منزل الأسرار الخشبي ذاك الذي يذكرك بمنازل هتشكوك ، اقصد منازل الرعب المعزولة في (سايكو ) و التي تعوي من حولها الذئاب مع اطلالة كل قمر وهو يشق عتمة الليل البهيم .
ويواصل الزوج مهمته التي يظهر من خلالها انه يستطيع انقاذ زوجته حتى تبلغ حالة الفصام المرضي للزوجة ذروتها عندما تتحول تحولا دراماتيكيا اذ لم يعد المكان عدوها ومصدر خوفها ..بل يحتشد ذلك الخوف ويتحول الى رد فعل عنيف وانتقام شرس من الزوج ..زوجي عدوي ..تلك هي الخلاصة ..فيتلقى ضربتها القاصمة في موضع الرجولة منه .. يفقد على اثرها الوعي ..فتستغل الفرصة وتقوم بعملية بشعة ووحشية بثقب ساق الزوج وربطها بكتلة معدنية كبيرة تحول دون حركته وبقاءه يتعذب وينزف حتى الموت اما هي واستمرارا للمشاركة في الألم وقتل موضع اللذة في داخلها فأنها تفتح ساقيها وتقوم بعملية ختان بشعة وفضيعة لنفسها وباللقطة المكبرة على الشاشة ( في وقت الحملة العالمية لوقف ختان الأناث ..ذلك قول ناقدة فرنسية صدمت بالمشهد وكانت في طابور مشاهدي الفيلم ) ..لكن لماذا ؟ وماالسبب ؟ وماالدافع ؟ الأنها قد جنت ؟ ام تعاني الفصام ..؟ لكنها سيمفونية الألم وفكرة الألم ..تتحولان الى محرك لدوافع وافعال الزوجة ..المازوخية والسادية المنتجتان للألم تحتشدان بشكل جنوني وعاصف ..يجب ان يتأذى الزوج ويتألم ..ولكن اين ؟ في موضع الراحة والسعادة منه ..تعطيل ذلك تماما وشله نهائيا ..حتى انها وفي مشهد هو امتدادا للبشاعة المتلاحقة تستمني ذكر الزوج ليتدفق منه الدم ..ولكن الزوج ماأن يفيق حتى يبدأ بالزحف الى خارج المنزل عاجزا عن الخلاص من قطعة المعدن الضخمة تلك التي تثقل حركته ويجد في الحفرة المعتمة تحت شجرة الأناث ملاذا ولكنه وهو يختبئ يجد طائرا (مفاجأة هتشكوكية دون شك !!)سرعان مايبدأ هذا الطائر المكلف بدور في الفيلم بأطلاق اصوات تلفت نظر الزوجة مما يسهل عليها الأستدلال على مكان اختباء الزوج بغرض مزيد من الأنتقام منه فيما هي تصرخ دونما انقطاع ( ايها السافل اين انت ؟) وتعثر على (ذلك السافل ) فعلا والذي كان الحبيب الحميم من قبل، وتمضي في انتقامها حيث تغطيه بالتراب فلما تفيق من نوبة الفصام تلك تخلص الزوج وتخرجه من التراب وترعاه وتساعده على التخلص من كتلة الحديد الضخمة التي ادخلتها وربطتها الى ساقه فما يكون منه الا الأنتقام منها خنقا ثم ليقوم بأحراقها على نفس الشجرة التي تحولت الى عنصر وركن مهم من حياتهما بينما ينتهي الفيلم بتقدم حشود من النساء اللائي يغزين تلك الشجرة ويتوزعن على جميع جهاتها


الأجواء المحتقنة
.
هذا غيض من فيض من المشاهد السادية والمازوخية على السواء و كثير من الفصام والوحشية وحيث نكوص الذات وتحطمها علامة فارقة ..ومن ثم لاتدري ما السبب في اطلاق هذا الأسم على الفيلم وعلما ان الأسم كما هو في الأدبيات المسيحية يعني ( المسيح الدجال ) بالمقابل في الأدبيات الأسلامية ، فمن هو هذا المسيح المخادع ؟
لايوجد شخص غير الزوج وربما كانت محاولاته اليائسة لأنقاذ زوجته نظرية اكثر منها واقعية بسبب تدهور حالة الزوجة وانهيارها كليا ...وربما يحضر تأويل مبني على فكرة المسيح الدجال انه يدعي او يوهم الناس وينخدعوا انه قائدهم للصلاح والخير والفضيلة لكنه يقودهم للخراب والشر ..وربما هو تأويل من لدن الزوجة ان زوجها قد قادها الى ماهي عليه بدعوى معالجتها نفسيا بينما هو حطمها تماما ..
يقدم المخرج قصته في شكل فصول متعددة : الفصل الأول : الألم ، الفصل الثاني : الفقدان وهكذا ..وبالطبع يحتمل الفيلم كثيرا جدا من التأويلات فهو يعزف على وتر الميثولوجيا والذات واللاشعور والرمز وربما كانت الأنثى محور الفيلم ولكن في الجانب الآخر هنالك نظرة الى (الجنس) على انه هو السبب في المحنة التي عصفت بحياة تلك المرأة فهي كانت تشارك زوجها تلك المتعة عندما سقط الطفل ومات وزوجها كان يهدؤها بممارسة الحب معها وتحول فعل الحب الى حاجة موازية لأسكات الألم مؤقتا او تسكينه ولهذا تلجأ الزوجة الى التخلص من الأدوات المسببة لذلك فتضرب زوجها تلك ضربة القاضية ..وقد يكون تأويل موضوع الجنس هو احد التأويلات العديدة التي يمكن النظر فيها فضلا عن مشاهد التخيلات والأحلام التي يكتظ بها الفيلم ..والملاحظ بصفة عامة ان المهارة العالية في صنع الصور الفيلمية والأضاءة والمونتاج وقد تميزت بحس جمالي عالي رافقه استخدام متقن على مستوى المؤثرات التي اجتمعت كلها للتعبير عن الأجواء المحتقنة التي تحف بالزوجين ..لكن كل ذلك لم يشفع للفيلم بأن ينال اعجاب المشاهدين بالرغم من الدعاية الكبيرة له ، كما كان هنالك شبه اجماع في العديد من الصحف والمجلات التي صدرت ابان المهرجان على انه لايحظى بكثير من النقاط التي تؤهله للفوز بأحدى جوائز المهرجان المهمة ..لكن المفاجأة كانت ان حصلت بطلة الفيلم الممثلة ( شارلوت غينسبورغ ) على جائزة احسن ممثلة ..وبدت على منصة التتويج وكأنها ليست تلك التي تجلت طيلة مشاهد الفيلم ..كانت تؤدي على المنصة دور فتاة يغمرها الحياء ..فتاة غرة وبسيطة ..تحدثت عن والديها وتمنت ان يقتربوا اكثر من دورها الذي ادته في هذا الفيلم وعن اولادها ...لاسيما وانها خرجت عن اعلى مستويات المشاهد العارية والجنسية الى ماهو اشد عنفا ووحشية ..حتى قيل ان اربعة اشخاص مرهفي او مرهفات الحس اغمي عليهم من جراء بشاعة بعض المشاهد لاسيما اقتطاع بظر المرأة بالمقص ..ولهذا لم يكن هنالك استقبال حسن للفيلم ولاردود فعل ايجابية حوله يلتفت اليها بشكل عام ..مع اني سمعت او قرأت التفاتة من صحافي عربي او اكثر قائلا ( اوه ...ياله من تحفة فنية ..) وليس مستغربا ان تسمع تقييمات كهذه بعدما تحول فيلم (نبي) فيه مافيه من الدس العنصري والأساءة للعرب والمسلمين وخاصة الجالية المغاربية في فرنسا ..تحول الى فيلم عظيم في نظر بعض الصحافيين العرب .,.ويريدوننا ان نكذب انفسنا ولانصدق ماشاهدناه من تهافت وسماجة متناهية في ذلك الفيلم المبيتة اغراضه ودوافع انتاجه ولاتخفى على أي عاقل ..وفي كل الأحول لكل رأيه ورؤيته ووجهة نظره ولي رأيي ورؤيتي ..فلا ضرر ولا ضرار

نسختان من الفيلم
..
ولكن من الملفت للنظر حقا ..اعلان مخرج ومنتج الفيلم انهما سيسوقان نسختين مختلفتين من الفيلم بحسب الدول والشركات التي ستشتريه ، نسخة ممنتجة سيتم فيها التخلص من المشاهد الأشد عنفا وبشاعة ونسخة اخرى – وهي النسخة التي عرضت في كان وتعرض حاليا في الدنمارك- وهي النسخة الكاملة دون حذف لأي مشهد .
يعرض الفيلم الآن في الصالات الدنماركية (بلد المخرج ) وكذلك في السويد والنرويج ترافقه عاصفة من الآراء المتضاربة ففي الوقت الذي احتفت به مجلة سكوب دي كي الدنماركية ومنحته ستة درجات من ستة ، وكذلك حذت حذوها مجلة بوليتيكن قائلة ( انه قطعة فنية تتحدث عن الحزن والجنس والموت وعن اللامعنى لكل شيء ) ،نجد الناقد السينمائي كلاوس كرستنسين محرر مجلة (ايكو) السينمائية الدنماركية الشهيرة يختلف مع من امتدح الفيلم واشاد به كل هذه الأشادة ومن منحه من النقاد اعلى النقاط ، متهما اياهم بالمبالغة بل انه يذهب الى ماهو ابعد قائلا ان هذا الفيلم هي سقطة المخرج الكبرى ..!!
الناقد سكوت فونداس من مجلة لوس انجلس الأسبوعية منحه نقطة واحدة من اربعة نقاط وكذلك فعل الناقد مايكل سمنت من مجلة بوسيتيف الفرنسية ونفس الترتيب منحه البرتو كرسبي من مجلة لايونيتا بينما منحه الناقد ديرك مالكوم من صحيفة لندن ستاندرد نقطتان من اربع نقاط ايضا .
......................
المخرج لارس فون ترير
مخرج دنماركي من مواليد 1956 في كوبنهاكن ، اخرج حتى الآن اربعة عشر فيلما قبل هذا الفيلم ، منها : عناصر الجريمة 1984 ، ميديا 1988 ، اوروربا 1991، الرقص في الظلام ، 2000، دوكفيل 2003 ،
مخرج : رئيس الجميع 2006



مشاهد ...اماكن ...وتيارات

مشهد الناقد السينمائي بصفته شارحا للصورة

تبدو مهمة (الشارح للصورة) هي أولى مهمات الناقد الذي اعتاد ، وعوّد معه قرّائه على هذه المهمة ، أو هذه الوظيفة.
والشارح للصورة هو هذا المعلق المحايد ، أو غير المحايد الذي يساعد على الدفع بالصورة إلى حيز التداول..

الصورة قبل مهمة الشارح هي كينونة مستقلة.. انتهت صلتها بصانعها ، أو صانعيها... ليس غير قائمة الأسماء التي ترافق افتتاح الصورة أو اختتامها، المقصود أسماء المشاركين في صناعة / إنتاج الصورة.. وما بين الافتتاح- الختام ثمة كينونة متدفقة قوامها الصور/ الأصوات/ الحركة..
الصوري/ الصوتي/ الحركي هو المكون الثلاثـي الذي يرتكز عليه (شارح الصورة)..
فضالته الأولى هي ما يرى ثم ما يسمع .. وخلال ذلك يجري توظيف الحركة.. إنها البنية السيميائية الافتراضية من العلامات التي تستند إليها المكونات الثلاثة.
ولعل وظيفــــة الشارح هنا هي الوظيفة المؤجلة، إنها وظيفة بعد صورية أي انها وظيفة متولدة من انتهاء العرض وانتهاء عملية التلقي.
شارح الصورة واقعيا ليس معنيا كثيرا بوظيفة التلقي ولا العمليات التلقائية أو غير التلقائية المواكبة للعرض المرئي.
إنه من أجل المضي في وظيفة الشارح يتحاشى المقتربات التي يرى أنها (تعقد) وظيفـــــــته ، أو تضيف إليها بعداً نظريا وذهنيا.

الوظيفة المؤجلة لشارح الصورة
إن الوظيفة المؤجلة لشارح الصورة هنا ينظر إليها أحيانا على أنها وظيفة تابعة وبعدية كما قلنا.. فهي ليست وظيفة صانعة ، وعلى هذا تم نقل وظيفة الناقد إلى مهمة (مؤقتة) ، وليست ملزمة لكينونة الفيلم.
ولكي يؤسس الناقد لنفسه موقعا في العملية فإنه يلجأ إلى أيسر وأقصر الطرق وأقلها خسارة في مهمتــه ، وأكثر قبولا لدى جمهور فن الفيلم من جهة ، ولدى من ينتج الخطاب الفيلمي.. إنها مهمة من يمضي مع الفيلم في كونـه متنا حكائيا.. أو قصصيا يستوجــب الأمر أن توضح ملابساته وتركيبه.
لكن هذا المقترب إلى (المتن الحكائي) وإلى (البناء القصصي) يبدو ظاهريا مفصولا فصلا قسريا عن نظرية السرد ، وطرائق وأساليب السرد، وهي نظرية وطرائق متكاملة وتخصصية فيمـــا يجري التعامل معها من أجل خدمة وظيفة الناقد كشارح للصورة.
شارح الصورة.. إن كان ناقدا في هذا النقاش فانه قد أصبح في أمسِّ الحاجة إلى أدواته.. التي تؤهله وتساعده للمضي في وظيفته.
وعلى هذا.. كان لزاما عليه أن يحلل ثم يفكك البنية الفيلمية..
ولأنها مهمة مركبة ومتداخلة يلجا شارح الصورة إلى طريقة انتقائية تامة.. إذ ينتقي من بنية الفيلم أو ما عُرف بـ(اللغة السينمائية) ما يساعده للمضي في وظيفته.. لأن التوقف عند البنية وكينونة اللغة سيغرق شارح الصورة في وظيفة مزدوجة، وربما ذات منحى نظري/ تنظيري قد لا يساعد في الوصول إلى الهدف..

وما بين وظيفة شارح الصورة الانتقائي ، وبين وظيفـة الناقــد ثمة كينونة فيلمية.. هي ما أسميه بـ (البنية العميقة للخطاب الفيلمي)..
هذا التركيب الاصطلاحي.. أجده اقرب إلى ما أنا ماض فيه في عرض مقاربات نقدية وإعادة نظر ، وقراءة لوظيفة النقد السينمائي ، وقبل ذلك لوظيفة الناقد السينمائي.
البنية العميقة للخطاب الفيلمي كنت قد طرحتها تمهيديا في كتابي: (الخطاب السينمائي من الكلمة إلى الصورة)..

وكانـت ذات امتداد سردي مرتبط بوظائف الكاتب والمخرج.. أي بين النص والخطاب المكتوب ، والنص والخطاب المرئي.

ما بين ثنائية المكتوب/ المرئي سيولد مفصل آخر يشكل معضلة أمام (شارح الصورة).. فهو غير مهيأ للانتقال من البنية العميقـة للخطاب الفيلمي إلى ثنائية المكتوب والمرئي.. البنية والثنائية تشكلان معضلة حقيقية أمام شارح الصورة المكتفي بوظيفته التابعة وربما.. الهامشية

......................................................................................................................................

Documentaries

الفيلم الوثائقي"ملاكي " للمخرج اللبناني خليل زعرور

...................................................................................................................

تراجيديا مفقودي الحرب ، المكان ، الشخصيات المعالجة ، والشكل المبتكر

اناس لانعرفهم ولم نرهم من قبل ، ولاندري ان كنا سنلتقيهم ام لا ، ولسنا على موعد للقائهم الا ان تجتذبنا الشاشة البيضاء لكي تنسج امامنا قصصا من حياتهم واهوائهم وتعرفنا : من هم وكيف يفكرون ولم يعانون ؟ هم اولئك الذين يسيرون مع سيرورة هذه الحياة ، هم جزء حي منها بكل مافيها ، وعلى هذا اتخذت السينما الوثائقية لنفسها عينا راصدة تواكب تلك الحياة غير المرئية ، تعيد اكتشافها ، استخراجها من زمانها ومكانها حياة يصر الوثائقيون المخضرمون على انها لايجب ابدا ان تخضع الى التعديل والتغيير والتجميل ، قبح الحياة وتبعثرها وتشتتها في السينما الوثائقية هو نوع من جمالياتها ، اية معادلة غريبة هذه ، لكنها معادلة تختصر سؤالنا : هل على الفيلم الوثائقي ان يجري تغييرا وتعديلا على الواقع ام يقبله كما هو ؟ لاشك انه سجال جديد قديم تراكم مع تراكم المنجز الوثائقي حتى ظل هذا الفيلم غير جدير بالشهرة ولا بالأهمية احيانا وصالات ودول معدودة تلك التي تعرض الفيلم الوثائقي ضمن برامج عروضها ، وحتى شاشات التلفزة الفضائية فأن السواد الأعظم منها غير مكترث بالسينما الوثائقية ولا يدرج في برامجه شيئا من انجازها ، وبموازاة ذلك تبرز مسألة الموضوعات التي تطرحها السينما الوثائقية في كونها اقرب الى الريبورتاج الصحافي منها الى النوع السينمائي المستقل الذي تظهر من خلاله مهارة المبدع كما هي في هذا الفيلم الذي اعده شخصيا احد اهم الأفلام التي شاهدتها في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي مع انه لم ينل جائزة ولم يكتب عنه الكثير .

ملخص موضوع الفيلم

ربما يكون استثناءا ان نتوقف عند الموضوع وهو في شكل تسلسل في الفكرة والمضمون كما في التتابع الصوري ، كما هي الحال في هذا الفيلم ، يعرض الفيلم لخمسة او ستة نماذج ، هي قصص سيدات لبنانيات فقدن اعزائهن في الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت شرارتها العام 1975 ، ولكل واحدة منهن عالمها المرتبط بذلك العزيز المفقود ، فهذه فقدت والدها وهي طفلة وتلك فقدت زوجها اما البقية فقد فقدن ابناءهن .

تعيش كل امرأة منهن تفاصيل الفقدان وتسترجعه على طريقتها الخاصة التي امعن فيها المخرج واعاد صياغتها على طريقته التي بدت اقرب الى الحكايات الوثائقية المحاطة بشكل فني وجمالي ربما جاء مختلفا .وخلال ذلك تبقى اصوات الفجيعة صاخبة وصارخة فالضحايا تعيش قصصهم في وجدان الناس على اختلافهم وكل منهم يعبر عن ذلك الفقدان بطريقته الخاصة التي تحمل كثيرا من الأسى والشجن .

مقتربات اساسية في الفكرة والمعالجة والبناء

لعل هذا الفيلم يحمل تفردا خاصا في لغتته السينمائية حتى اني اعده احد افضل الأفلام الوثائقية التي عرضت في مهرجان دبي في هذه الدورة , نحت خليل زعرور هذه القصص ومامرتبط بها من وقائع نحتا ، كنا نعيش قلق الشخصيات واحزانها ودبيبها الصامت وهي ترمق المكان وتغادر بعيدا مع الذكريات التي خلفها المفقودون ولعل العلامة الفارقة هنا هي السرد الفيلمي الذي وان كان الفيلم وثائقيا الا ان المعالجة حتمت علينا ان نتابع ماترويه السيدات من قصصهن . وفي واقع الأمر اننا لم نجد انفسنا امام قصة معروفة ومألوفة وسبق وسمعناها ، بل نحن امام موضوع وقضية غير مطلوب منا ان نتعاطف مع اسر الضحايا الا اننا لابد ان نهتز وجدانيا ازاء مايجري امامنا .

وبالرغم من ان السيدات لم يفعلن غير استرجاع الماضي والذكريات والحنين للأعزاء وترقب عودتهم والأمل في ذلك الا اننا كنا امام دراما تتجذر في قرارة الشخصيات وتتسرب الينا ولهذا لم نكن نملك الا ان نتابع فصول تلك القصص المتنوعة الثرة :

الفتاة التي تسترجع ذكرى والدها من خلال بدلته وساعته وهي واقفة في غرفة خربة

الأم التي تسترجع صورة ابناءها وهي جالسة على كرسي قريب من البحر

السيدة التي تسترجع صورة زوجها وهي جالسة وسط الصقيع والثلج

الأم التي يختصر وجود ابنائها وعودتهم بالحياة الأجتماعية اليومية ، ان تطبخ لهم وترعاهم

الزوجة التي تسترجع ايام الحفلات العائلية

تراجيديا المكان الوثائقي

يمتلك المخرج عير هذا الفيلم تفردا خاصا مهما تمثل في توظيف المكان توظيفا متقنا وفريدا ، المكان عنده حي وناطق ، ويكمل الشخصية ويتناغم معها ويردد صدى كلماتها واحاسيسها ، وهو امر نفتقده في كثير من الأفلام سواء منها الوثائقية وحتى الروائية ، المكان يبدو واضحا انه مكان مصنوع وواضح ان المخرج يأتي بشخصياته الى الأماكن التي يختارها هو ومنها مثلا محطة وعربات القطار القديمة المحطمة ، البيت الخرب الذي تستذكر فيه المرأة اباها ، وغيرذلك لكن المخرج لايكتفي بذلك بل يمضي قدما في استثمار المكان فهو يحاول ان يمنحه بعدا آخر ربما كان شعريا وحتى سرياليا في بعض الأحيان وهو في سياق صنعه للمكان من خلال تفصيلات محددة وتوظيف للأكسسوارات فمثلا يأتي بخزانة ملابس فديمة ليس فيها سوى علاقة الملابس تحركها الريح او يأتي بساعة ضخمة معطلة ويضعها في فضاء مفتوح وهكذا بينما يستخدم لازمة الشجرة واغصانها المتيبسة وهي لازمة تتكرر في الفيلم مصحوبة بحركة كاميرا (ترافيلنغ) تنزل مستعرضة المكان ، وحيث لعبت حركات الكاميرا دورا جماليا مهما اضافيا .

..................................................................................................................


الفيلم"الوثائقي احلام الزبالين" للمخرجة مي اسكندر

صورة كفاح مذهل واصرار على الحياة

يوميات مجتمع منسي وسط اكوام من القمامة

لم اكن شخصيا سعيدا بعرض هذا الفيلم للوهلة الأولى وخاصة خلال العشرين دقيقة الأولى بسبب انه يعرض كل هذا البؤس الذي يعيشه معدمون فقراء في المقطم واجزاء اخرى من ضواحي القاهرة وهم في وسط كارثة بيئية لاانسانية في وسط اكوام القمامة ،وهو مشهد ينكرر في مدن وحواظر عربية اخرى كما نعلم ، لم اكن سعيدا لشعوري ان المشاركة المصرية كان يمكن ان تقدم افضل من هذا الفيلم لما فيه من حساسية اظهار واقع مزري ومأساوي من جراء الفقر المدقع الذي تعيشه شريحة من الشعب المصري ، الا ان ماتلا ذلك غير كثيرا من قلقي الشخصي ، فالفيلم قدم وجها آخر من اوجه الأرادة الأنسانية ، ارادة هذا الأنسان الصابر المكافح الذي حتى وهو في يعيش تحت اكثر ظروف العيش قسوة فأنه قادر على ان يحيا ويتشبث بالحياة ويصنع من ذلك الحطام شيئا ما ، شباب لم تقتل ظروف الحياة القاسية التي يعيشونها املهم في الحياة وحبهم للآخرين وانفتاحهم والبسمة التي لاتفارق وجوههم ، نعم هم شباب وجدوا انفسهم في واقع لم يصنعوه بأرادتهم بل ورثوه عن ابائهم وعائلاتهم التي اتخذت من جمع القمامة مهنة لها ، هم افراد مجتمع كامل يعد بعشرات الألوف من الذين يمتهنون هذه المهنة ولايجدون مهنة او لايعرفون مهنة سواها ...هم الشريحة التي تعيش على الهامش ، طموحاتها بسيطة وتعيش وهي بالكاد تواصل العيش وسط اكوام لاحدود لها من القمامة ...هو عالم بالكاد تجد فيه مساحة للحياة الطبيعية النظيفة ، كأنك تعيش مع الشخصيات ولاتكاد تلتقط انفاسك بحثا عن الهواء النقي والملبس النظيف والطعام والماء غير الملوث ...لاتملك الا ان تتعاطف مع التمسك بالصبر وروح الكفاح وقوة الشخصية التي صنعتها قسوة الحياة .

يوميات

يقدم الفيلم بضعة شخصيات بمثابة عينة من تلك الآلاف المؤلفة من العاملين في جمع القمامة ( ادهم ) ، (نبيل ) ، (ليلى) واصدقائهم وعائلاتهم الطيبة البسيطة ، هم قد انتظموا في جمعية تنظمشؤونهم فيما تؤدي ليلى دورا رائعا بل هي محور هام في الفيلم فهي التي تغذي في المجموعة روح الصبر والأستمرار بل انها تعلن منذ البداية انها فتحت عينيها في هذه الدنيا وهي تعيش في هذه البيئة في مجتمع الزبالين وهي لا ولن تخرج منه ولا تريد ذلك وتقول ايضا انها تعد نفسها كمثل السمكة اذا اخرجت من الماء فلن تستطيع العيش ، تقوم ليلى بدور محوري في توعية اولئك الشباب من الزبالين وعائلاتهم ، توعية صحية واجتماعية ، وهي توفر لهم (الطعوم ) المضادة للجروح والألتهابات المصاحبة للعمل في القمامة ومايترتب عليها من اخطار جمة ، تتنقل ليلى بين احبائها واصدقائها الذين يشكلون مجتمع الزبالين وبين تربية ورعاية طفلها وغالبا ماتظهر حسنة الهندام ، انيقة المظهر وكأنها تعيش في زمان غير الزمان ومكان غير المكان ...وهي تجمع شمل هؤلاء الشباب في جمعية فيلتقون جميعا ويناقشون اوضاعهم ومستقبلهم وكل مايخصهم ثم يتطور الأمر الى بدء هذا المركز البسيط توفير دروس القراءة والكتابة للزبالين وتعليم الكومبيوتر ثم بدء مرحلة جديدة هي التعامل بشكل واعي مع الموضوع من وجهة نظر بيئية .

ننتقل بعدها الى اولئك الشباب الثلاثة (نبيل وادهم ) ولكل منهم قصة ، لكن قصصهم تلتقي في المستقبل : ان يتعلموا ، ان يتطوروا ، ان يكون لهم مستقبل ما ، ان تكون لكل منهم الزوجة والحبيبة التي يحلم بها ، هم يعيشون احلامهم وهم يعومون في ذلك العالم القاتم المريع الذي يحفهم ولكنه لايوقف الأمل في داخلهم ، بالطبع قسم كبير من المجموعة هم من الأقباط ولهذا نشاهدهم وهم يؤمون الكنيسة لأداء الصلوات وحضور القداس ، ومع ذلك لايستطيع ادهم ان يترك مهنته كزبال بل يقوم بجمع الأوراق والنفايات من حول الكنيسة وهو يقول ان الناس ممكن تسخر مني الا انني سعيد بأداء هذا العمل في خدمة الكنيسة وتنظيف المكان .

ننتقل بعدها الى جهد شاق آخر يقوم به اولئك الزبالون المكافحون الا او هو القيام بفرز النفايات بحسب انواعها : الورق ، علب البلاستيك ، علب الشامبو والعصير والأجسام والنفايات المعدنية ثم يقومون بحمل تلك الأكوام الهائلة مجددا الى معامل فيها مكائن بدائية تقوم بفرم النفايات ثم لتجمع في اكياس كبيرة من البلاستك لتباع الى المعامل المتخصصة بالبلاستيك او الورق .

............................................................................................

Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4

الناقد

Advertisement

*
Powered by Blogger.
**
مرحبا بكم في "ابعاد" في حلتها الجديدة ..السنة الخامسة .. مدونة د.طاهر علوان...وثائقيات ..."نانوك ابن الشمال " عبقرية فلاهيرتي ..هيرزوج الذي يحلم ماشيا .وثائقيات .فيلم العراق في شظايا ..وثائقيات .فيلم دموع غزة .وثائقيات .فيلم احلام الزبالين .وثائقيات .فيلم ملاكي...مشاهد واماكن وتيارات : حوار مع مايكل هانيكة ..جدل الرواية والفيلم في "الحب في زمن الكوليرا " وفيلم / رواية الرحلة الأخيرة ..الفانتازيا السينمائية ..احلام رولان بارت ...ليلة المشاعر والقلوب المحطمة :سينما المودافار..من رجل الخفاش الى ملك الخاتم غرائبية لاتنتهي ..بنية الفيلم القصير ..قوة الوثيقة السينمائية ..تجربة المخرج الأيطالي انطونيوني ..شاعر السينما بيرجمان ..شعرية السرد السينمائي ..فيلم افاتر ..فيلم نبي ..فيلم ملح هذا البحر ...تجربة المخرج طارق صالح ..والعديد من الموضوعات الأخرى

وثائقيات ........................Documentaries

سينما وثائقية ....Documentary Film
........................
contact
warshacinema@gmail.com

نانوك ابن الشمال ...عبقرية فلاهيرتي

ربما كان دافع الأنسان في الأكتشاف ،دافع رسم افقا لأنسان اللحظة المحاصر بكل مايحيط به ، اعادة قراءة للواقع ..البحث في ماهو لامرئي وبعيد عن الأدراك المعتاد واليومي ..هكذا بأمكان الذاكرة ان تتشظى والحواسان تحلق في فضاء لاتحده حدود ..وكذلك سمع وبصر وحواس مبدع غير معني بالسينما ابدا بل بلذة الأكتشاف وليس غير الفيلم اداة فاعلة لتحقيق مثل هذا الأكتشاف ..هذه هي خلاصة روبرت فلاهرتي(1881-1951) ، الأب الروحي والرائد بلا منازع للسينما الوثائقية ، يعيش طويلا مع اقوام لايجدون لذة فيالحياة من دونما صراع يومي من اجل القوت والبقاء ..ويكافح فلاهيرتي معهم طويلا ثم يحمل كاميرته الى القطب حيث يكتشف ذلك الكائن الوديع المكافح (نانوك) وهنالك بالضبط ترعرعت سينما وثائقية خلاقة مازالت تعلم الأجيال ...نانوك ، عبر ثلاثية مطولة ربما كانت عزفا على رومانسية وثائقية مثقلة بالشقاء ايضا ، بسبب قسوة المكان وشظف العيش حيث يقضي نانوك جوعا فيما بعد ، فلاهيرتي يؤسسس لوعي عميق بالزمان والمكان والشخصيات ، لم يلبث بعد هذا الفيلم الذي اكمله في حوالي العام 1923 لينتقل الى اماكن جزر تشهد كفاح الأنسان ايضا في الساحل الغربي لأيرلندا حيث حقق فلاهرتي رائعته الخالدة (رجل من اران)..

Nanook of the north

هيرزوج الذي يحلم ماشيا

ربما هي خلاصة تعبر عن احد اهم اعمدة السينما الألمانية ،هيرزوج (1942) ، الأنسان الحاص ، والسينمائي الشامل ، الساخط على عالم اكثر تعاسة وتشتتا وغرابة ، ولهذا فهو ماض في الغوص في الخبايا الشاسعة ...يمضي بلا كلل ..يقطع الاف الكيومترات مشيا ، هذا هو ، غير مكترث لأي شيء سوى ان يرى ويرصد ويعيش اللحظة المأزومة والزمن المثقل بالتحولات والمصاعب ، هو غير مكترث بأي شيء سوى ان يرى وان يكون عينا راصدة عبر الفيلم الوثائقي اكثر وعيا وحرفية وبمستوى مايريد ويحلم ..هو احد ركائز السينما الألمانية الجديدة واحد المع رمزها ومبدعيها ...في فيلمه ( الأزرق الوحشي هناك-2006) ثم انسان مأزوم تحاصره الطبيعة ويجوس هو في ظلماتها وقسوتها ليطلق نشيدا انسانيا مؤثرا ، اخرج وكتب السيناريو لأكثر من 40 فيلما وحتى آخر افلامهالوثائقية (كهف الأحلام غير المنسية 2010) ليس كافيا بالنسبة بهيزوج ان تكون حيا والحياة نابضة من حولك ، بل ان تقلب الصورة ايا كانت وتبحث عن وجه الحقيقة غير المرئي ، عن الألم والقسوة والجدل بين الأنسان والكون والطبيعة ...ذلك هو عالم هيزوج الشاسع الفريد الذي لايكترث الا بأن يكون ..وان يعني شيئا

Werner Hrzog

العراق في شظايا

هي بحق التجربة الواقعية الصادقة ، السينما الوثائقية تحفر عميقا في هذه التجربة وتقدم واقعا متشظيا ، واقع هو صورة عراق يدرك شخوصه انهم يتشظون حسيا ويتشظى كل شيء من حولهم في اشد الأزمنة عصفا ابان الأحتلال ومايشبه حربا كونية صبتت فيه الأمبراطورية حممها على الرؤوس بلا رحمة ..يحرص المخرج الشاب جيمس لونجلي على المراقبة الواعية لحياة الشخصيات اليومية ..فعلها من قبل في رائعته (قطاع غزة)-2002 ، اذ يثب الى اكثر الأماكن تعقيدا وسخونة ووسط صخب مايجري يترك كاميرته ان تعيش حياة الناس بصبر واناة ...هو كمن يدرب شخصياته او يدفعها ان تقول وتفعل ماتشعر به فعليا وتنسى تلك العين الثاقبة الراصدة ..في هذا الفيلم (انتاج 2006) هنالك فتى في احدى ورشات السيارات لاتملك الا ان تتفاعل معه وهو يردد حواره اليومي المكرر مع (الأسطة او مالك الورشة ) ثم ندرك ان ذلك العالم البعيد في تلك الورشة الصغيرة المنسية انما يقع في عين العاصفة حيث مراكز القوى والصراع السياسي والأحزاب والخطابات ودبابات ومجنزرات الأمبراطورية ...المخرج هنا معني بذلك العالم غير المرئي في قلب العراق ، بغداد صعودا الى قوميات واعراق واقليات ...انها دراما كامنة في حياة الشخصيات وتحولاتها ..وهي تتشظى وتلتحم ثم تتشظى من جديد ...

Iraq in fragements

دموع غزة

هناك حيث لايسمع انين وصرخات الضحايا احد ...الرصاص المصبوب مثل رقصة الطيور الذبيحة حيث تختض الأرض وتصب آلة القتل حممها على الناس ...تمعن المخرجة النرويجية (فيبيك لوكيبرج- مواليد 1945) في العيش مع الحدث وتقديم الدراما الهائلة للفتك بكل شيء حيث تحصد الآلة الحربية الأسرائيلية كل شيء ، آلة قتل عميااء تتنقل من بيت لبيت ومن شارع الى شارع لاتستثني احدا كائنا حيا او جماد، كل هؤلاء اعداء اسرائيل ولهذا تجرب فيهم آلته الحربية وكأنها في مواجهة جيوش جرارة : في مشهد القتل الكل يبحث عن الكل ، الأمهات عن الأبناء والأطفال عن امهاتهم ، هي مثل لعبة قمار عبثية تمارسها آلة القتل فحيثما تتوقف عجلة الروليت الحربية فأنها تقصف وتقتل وتقطع البشر وتحطم البيوت على رؤوس ساكنيها .تستخدم المخرجة وسائلها التعبيرية لتحتشد في نسق صوري – صوتي تعبيري متدفق بتدفق الكارثة وتعدد فصولها ..فالموت الحتمي تدركه المخرجة وهي تلج بكاميرتها في وسط الهيب والفجيعة ، العالم الصامت المتفرج كأنه يكتب كلمة ادانته من خلال اللاادانة المباشرة ولكن كلش شيء يدين مايجري من نزال بربري وهمجي يبد العزل وينتصر للخرافات والأوهام ..مابين هذا كله تبرز هذه المخرجة التي عاشت مع السينما الوثائقية منذ حوالي اربعين عاما وماتزال وبالرغم من قلة عدد افلامها (سبعة افلام منذ العام 1967 حتى الآن) ..الا ان فيلم دموع غزة يعد بحق قمة ماقدمته ومايحق لها ان تفتخر به ..

Gaza Tears

Malaki : khalel zaarourملاكي ..لخليل زعرور

فيلم احلام الزبالين للمخرجة مي اسكندر

اقرأ في ارشيف المدونة ايضا:

اغنيتي المفضلة من اديث بياف

Followers

About Us

Film Dimensions
Film Dimensions
View my complete profile

TEST SIDEBAR 3

Labels